قال: هذا تفسير متين موافق للنظم لا تعقيد فيه غير محتاج إلى جعل المجاهدين صنفين كما ينبئ عنه ظاهر الكشاف، ويطابقه سبب النزول ويلائم حديث أنس مرفوعًا:"لقد خلفتم في المدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم" قاله حين رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة، والحديثان يؤذنان بالمساواة بين المجاهدين والأضراء وعليه دلالة مفهوم الصفة والاستثناء في غير أولي الضرر، وكلام الزجاج إلا أولو الضرر فإنهم يساوون المجاهدين يعني في أصل الثواب لا في المضاعفة لأنها تتعلق بالفعل.
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿إن الذين توفاهم الملائكة﴾) ملك الموت وأعوانه وهم ستة ثلاثة لقبض أرواح المؤمنين وثلاثة للكفار أو المراد ملك الموت وحده وذكر بلفظ الجمع للتعظيم أي توفاهم الملائكة بقبض أرواحهم حال كونهم (﴿ظالمي أنفسهم﴾) ويصلح توفاهم أن يكون للماضي وذكر الفعل لأنه فعل جمع وللاستقبال أي الذين تتوفاهم حذفت التاء الثانية لاجتماع المثلين. قال في فتوح الغيب: إذا حمل على الاستقبال يكون من باب حكاية الحال الماضية (﴿قالوا﴾) أي الملائكة لهم (﴿فيم كنتم﴾) من أمر الدين في فريق المسلمين أو المشركين؟ والسؤال للتوبيخ يعني لِمَ تركتم الجهاد والهجرة والنصرة؟ (﴿قالوا كنا مستضعفين﴾) أي عاجزين (﴿في الأرض﴾) لا نقدر على الخروج من مكة (﴿قالوا﴾) أي الملائكة (﴿ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها﴾ [النساء: ٩٧] الآية). أي إلى المدينة وتخرجوا من بين أظهر المشركين وسقط لأبي ذر قوله: كنا الخ وسقط الباب من أكثر النسخ وثبت في بعضها.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يزيد المقرئ) بالهمزة أبو عبد الرحمن المكي أصله من البصرة أو الأهواز أقرأ القرآن نيفًا وسبعين سنة وهو من كبار شيوخ البخاري قال: (حدّثنا حيوة) بفتح المهملة وسكون التحتية وفتح الواو ابن شريح بالشين المعجمة المضمومة والراء المفتوحة وبعد