للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - باب قِصَاصِ الْمَظَالِمِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ مُدِيمِي النَّظَرِ. وَيُقَالُ مُسْرِعِينَ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ. ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ يَعْنِي جُوفًا لَا عُقُولَ لَهُمْ ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾.

(باب قصاص المظالم) أي يوم القيامة وسقط التبويب والترجمة هنا لأبي ذر وثبتا عنده بعد قوله المقنع والقمح واحد وسقطت الواو من قوله وقال مجاهد.

(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي أيضًا (مهطعين) أي (مديمي النظر) لا يطرفون هيبة وخوفًا وسقط وقال لأبي ذر، ولأبوي ذر والوت: مدمني النظر. (ويقال: مسرعين) أي إلى الداعي كما قال تعالى: ﴿مهطعين إلى الداع﴾ [القمر: ٨] وهذا تفسير أبي عبيدة في المجاز (﴿لا يرتد إليهم طرفهم﴾) بل تثبت عيونهم شاخصة لا تطرف لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحل بهم (﴿وأفئدتهم هواء﴾ يعني جوفًا) بضم الجيم وسكون الواو خاوية خالية (لا عقول لهم) لفرط الحيرة والدهشة وهو تشبيه محض لأنها ليست بهواء حقيقة، وجهة التشبيه يحتمل أن تكون في فراغ الأفئدة من الخير والرجاء والطمع في الرحمة (﴿وأنذر الناس﴾) يا محمد (﴿يوم يأتيهم العذاب﴾) يعني يوم القيامة أو يوم الموت فإنه أول يوم عذابهم وهو مفعول ثانٍ لأنذر ولا يجوز أن يكون ظرفًا لأن القيامة ليست بموطن الإنذار (﴿فيقول الذين ظلموا﴾) بالشر والتكذيب (﴿ربنا أخّرنا إلى أجل قريب﴾) أخّر العذاب وردّنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى أمد وحدّ من الزمان قريب نتدارك ما فرطنا فيه (﴿نجب دعوتك ونتبع الرسل﴾) جواب للأمر ونظيره قوله تعالى: ﴿لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصدّق﴾ [المنافقون: ١٠] (﴿أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال﴾) على إرادة القول وفيه وجهان أن يقولوا ذلك بطرًا وأشرًّا ولما استولى عليهم من عادة الجهل والسفه وأن يقولوه بلسان الحال حيث بنوا شديدًا وأمهلوا بعيدًا وقوله ﴿ما لكم﴾ جواب القسم وإنما جاء بلفظ الخطاب لقوله أقسمتم، ولو حكي لفظ المقسمين لقيل ما لنا من زوال، والمعنى أقسمتم أنكم باقون في الدنيا لا تزالون بالموت والفناء وقيل لا تنتقلون إلى دار أخرى يعني كفرهم بالبعث لقوله تعالى: ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت﴾ [النحل: ٣٨] قاله الزمخشري.

(﴿وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم﴾) بالكفر والمعاصي كعاد وثمود (﴿وتبين لكم كيف فعلنا بهم﴾) بما تشاهدون في منازلهم من آثار ما نزل بهم وما تواتر عندكم من أخبارهم (﴿وضربنا

<<  <  ج: ص:  >  >>