(باب من استعار من الناس الفرس) زاد أبو ذر والدابة، وزاد الكشميهني وغيرها قال الحافظ ابن حجر: وثبت مثله لابن شبويه لكن قال وغيرهما بالتثنية وعند بعض الشرّاح قبل الباب كتاب العارية ولم أره لغيره والعارية بتشديد الياء وقد تخفّف وفيها لغة ثالثة عارة بوزن غارة وهي اسم لما بعار مأخوذ من عار إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف عيار لكثرة ذهابه ومجيئه، وقيل من التعاور وهو التناوب. وقال الجوهري: كأنها منسوبة إلى العار لأن طلبها عار وعيب وحقيقتها شرعًا إباحة الانتفاع بما يحلّ الانتفاع به مع بقاء عينه والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: ﴿ويمنعون الماعون﴾ [الماعون: ٧] فسّره جمهور المفسرين بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض.
وبه قال:(حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة أنه (قال: سمعت أنسًا) هو ابن مالك ﵁(يقول: كان فزع) بفتح الفاء والزاي خوف من العدوّ (بالمدينة فاستعار النبي ﷺ فرسًا من أبي طلحة) زيد بن سهل زوج أم أنس (يقال له المندوب) زاد في الجهاد من طريق سعيد عن قتادة كان يقطف أو كان فيه قطاف بالشك أي بطيء المشي. وقال ابن الأثير: المندوب أي المطلوب وهو من الندب الرهن الذي يجعل في السباق، وقيل سمي به لندب كان في جسمه وهو أثر الجرح، وقال عياض: يحتمل أنه لقب أو اسم بعير كسائر الأسماء (فركبه)﵊ زاد في رواية جرير بن حازم عن محمد عن أنس في الجهاد، ثم خرج يركض وحده فركب الناس يركضون خلفه (فلما رجع قال):
(ما رأينا من شيء) يوجب الفزع (وإن وجدناه) أي الفرس (لبحرًا) أي واسع الجري ومنه سمي البحر بحرًا لسعته، وتبحر فلان في العلم إذا اتسع فيه، وقيل شبّهه بالبحر لأن جريه لا ينفذ كما لا ينفذ ماء البحر. قال الخطابي: وإن هنا نافية واللام بمعنى إلا أي ما وجدناه إلا بحرًا، وعليه اقتصر الزركشي قال في التوضيح: وهو قصور وهذا إنما هو مذهب كوفي ومذهب البصريين أن إن مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية انتهى، وقد سبقه إليه ابن التين.
قال الحافظ ابن حجر: وفي رواية المستملي وإن وجدنا بحذف الضمير، وفي رواية حماد عن ثابت عن أنس في الجهاد أيضًا استقبلهم النبي ﷺ على فرس عري ما عليه سرج وفي عنقه سيف.
وأخرجه الإسماعيلي عن حماد وفي أوّله فزع أهل المدينة ليلة فتلقاهم النبي ﷺ قد سبقهم إلى الصوب