يخلو عن الحادث فهو حادث ثم حدوثها يدل على محدثها وذا قديم، وإلاّ لاحتاج إلى محدث آخر إلى ما لا يتناهى وحسن صنعه دل على علمه وإتقانه يدل على حكمته وبقاؤه يدل على قدرته (ثم قام)ﷺ(فتوضأ واستن) استاك (ثم صلّى إحدى عشرة ركعة) وفي آخر سورة آل عمران فصلّى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر بواحدة، والحاصل أنها ثلاث عشرة (ثم أذن بلال بالصلاة فصلى ركعتين ثم خرج فصلّى للناس أصبح).
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (﴿ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين﴾) الكلمة قوله: إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وسماها كلمة وهي كلمات لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة، والمراد بها القضاء المتقدم منه قبل أن يخلق خلقه في أم الكتاب الذي جرى به القلم بعلو المرسلين على عدوّهم في مقادم الحجاج وملاحم القتال في الدنيا وعلوهم عليهم في الآخرة، وعن الحسن ما غلب نبي في حرب. والحاصل إن قاعدة أمرهم وأساسه والغالب منه الظفر والنصرة وإن وقع في تضعيف ذلك شوب من الابتلاء والمحنة والعبرة للغالب.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(لما قضى الله)﷿(الخلق) أي لما أتمه (كتب) أثبت في كتاب (عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي).
قال في الكواكب فإن قلت: صفاته تعالى قديمة فكيف يتصوّر السبق بينهما؟ قلت: هما من صفات الفعل لا من صفات الذات فجاز سبق أحد الفعلين الآخر، وذلك لأن إيصال الخير من مقتضيات صفته بخلاف غيره فإنه بسبب معصية العبد. وقال في فتح الباري: أشار أي البخاري إلى ترجيح القول بأن الرحمة من صفات الذات لكون الكلمة من صفات الذات، فمهما استشكل في إطلاق السبق في صفة الرحمة جاء مثله في صفة الكلمة، ومهما أجيب به عن قوله سبقت كلمتنا حصل به الجواب عن قوله: سبقت رحمتي قال: وقد غفل عن مراده من قال دل وصف الرحمة بالسبق على أنها من صفات الفعل.