فالوقف على إلا الله على هذا تام ولا يكاد يوجد في التنزيل أما وما بعدها رفع إلا ويثنى ويثلث كقوله تعالى: ﴿أما السفينة﴾ ﴿وأما الغلام﴾ ﴿وأما الجدار﴾ الآيات، فالمعنى وأما الراسخون فحذف لدلالة الكلام عليه. فإن قيل: فيلزم على هذا أن يجاء في الجواب بالفاء وليس بعد والراسخون الفاء، فجوابه: أن أما لما حذفت ذهب حكمها الذي يختص بها فجرى مجرى الابتداء والخبر (﴿كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب﴾) وسقط قوله: ﴿وما يعلم تأويله﴾ إلا الله الخ لغير أبي ذر وقالوا بعد قوله وابتغاء تأويله إلى قوله وما يذكر إلا أولو الباب.
(قالت) عائشة رضي الله تعالى عنها: (قال رسول الله ﷺ: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) بكسر تاء رأيت وكاف أولئك على خطاب عائشة وفتحهما لأبي ذر على أنه لكل أحد ولأبي ذر عن الكشميهني فاحذرهم بالإفراد أي احذر أيها المخاطب الإصغاء إليهم وأول ما ظهر ذلك من اليهود كما عند ابن إسحاق في تأويلهم الحروف المقطعة وإن عددها بالجمل بقدر مدة هذه الأمة ثم أول ما ظهر في الإسلام من الخوارج.
وحديث الباب أخرجه مسلم في القدر وأبو داود في السنة والترمذي في التفسير.
٢ - باب ﴿وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿وإني أعيذها﴾) أي أجيرها (﴿بك وذريتها من الشيطان الرجيم﴾). [آل عمران: ٣٦].
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) بميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد الأزدي مولاهم البصري (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ قال):
(ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه) ابتداء للتسليط عليه وفي صفة إبليس وجنوده من بدء الخلق كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه (حين يولد فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه) صارخًا نصب على المصدر كقوله قم قائمًا (إلا مريم وابنها) عيسى فحفظهما الله تعالى ببركة دعوة أمها حيث قالت: إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، ولم يكن لمريم ذري غير عيسى ﵊، وزاد في باب صفة إبليس ذهب يطعن فطعن في الحجاب، والمراد به