عن عثمان متعلق بمحذوف، لا بأخبرني، لأن حرفي جر بمعنى لا يتعلقان بفعل واحد، والتقدير: أخبرني أبو بكر راويًا عن عثمان عن ربيعة عن قصة حضوره مجلس عمر أنه:
(قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة) ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: ٤٩، ٥٠](نزل) عن المنبر (فسجد) على الأرض (وسجد الناس) معه (حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها) أي بسورة النحل (حتى إذا جاء السجدة). ولأبي ذر: جاءت السجدة (قال: يا أيها الناس إنا) وللكشميهني: إنما بزيادة ميم بعد النون، (نمرّ بالسجود) أي: بآيته (فمن سجد فقد أصاب) السنة، (ومن لم يسجد فلا إثم عليه) ظاهر في عدم الوجوب. لأن انتفاء الإثم عمن ترك الفعل مختارًا يدل على عدم وجوبه، وقد قاله بمحضر من الصحابة ولم ينكره عليه أحد، فكان إجماعًا سكوتيًا.
(ولم يسجد عمر ﵁ وزاد نافع) مولى ابن عمر أي: وقال ابن جريج: أخبرني ابن أبي مليكة بالإسناد السابق أن نافعًا زاد (عن ابن عمر ﵄) مما هو موقوف عليه.
(إن الله لم يفرض السجود) ولأبي ذر: لم يفرض علينا السجود، أي: بل هو سنة.
وأجاب بعض الحنفية بالتفرقة بين الفرض. والواجب، على قاعدتهم، بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب.
وأجيب: بأن انتفاء الإثم عن الترك مختارًا يدل على الندبية.
(إلا أن نشاء) السجود فالمرء مخير: إن شاء سجد، وإن شاء ترك. وحينئذٍ فلا وجوب.
وادعاء المزي كالحميدي: أن هذا معلق غير موصول: وهم، ويشهد لاتصاله أن عبد الرزاق قال في مصنفه، عن ابن جريج: أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة … فذكره، وقال في آخره: قال ابن جريج: وزادني نافع عن ابن عمر أنه قال: لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء. وكذلك رواه الإسماعيلي والبيهقي وغيرهما، قاله في الفتح.
١١ - باب مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ بِهَا
(باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها) أي بتلك السجدة لا يكره له ذلك خلاقًا لمالك حيث قال بكراهة ذلك في الفريضة الجهرية والسرية منفردًا، وفي جماعة وسقط لفظ: بها، للأصيلي.