(باب من نكث بيعة) بالمثلثة أي نقضها ولأبي ذر عن الكشميهني بيعته بزيادة الضمير (وقوله تعالى: ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله﴾) قال في الكشاف لما قال إنما يبايعون الله أكده توكيدًا على طريقة التخييل فقال: (﴿يد الله فوق أيديهم﴾) يريد أن يد رسول الله ﷺ التي تعلو يدي المبايعين هي يد الله والله ﷾ منزّه عن الجوارح وعن صفات الأجسام وإنما المعنى تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما كقوله تعالى: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ [النساء: ١٨٠] اهـ.
وفي اختصاص الفوقية تتميم معنى الظهور وقال أبو البقاء إنما يبايعون خبر إن ويد الله مبتدأ وما بعده الخبر والجملة خبر لإن أو حال من ضمير الفاعل في يبايعون أو مستأنف (﴿فمن نكث﴾) نقض العهد ولم يف بالبيعة (﴿فإنما ينكث على نفسه﴾) فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه (﴿ومن أوفى بما عاهد الله عليه﴾) يقال وفيت بالعهد وأوفيت به أي وفى في مبايعته (﴿فسيؤتيه أجرًا عظيمًا﴾)[الفتح: ١٠] أي الجنة وسقط لأبى ذر من قوله يد الله إلى آخرها.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن محمد بن المنكدر) أنه قال: (سمعت جابرًا) هو ابن عبد الله الأنصاري السلمي بفتح السين واللام له ولأبيه صحبة ﵄ أنه (قال: جاء أعرابي) لم يسم وقيل قيس بن أبي حازم ورد بما سبق في باب بيعة الأعراب قريبًا (إلى النبي ﷺ فقال): يا رسول الله (بايعني على الإسلام فبايعه)﵊(على الإسلام ثم جاء الغد) ولأبى ذر عن الكشميهني من الغد (محمومًا فقال أقلني) بيعتي على الإقامة بالمدينة ولم يرد الارتداد عن الإسلام إذ لو أراده لقتله كما مر قريبًا (فأبى) فامتنع ﷺ أن يقيله لأن الخروج من المدينة كراهة له حرام (فلما ولّى) الأعرابي (قال) النبي ﷺ:
(المدينة كالكير) الذي يتخذه الحداد مبنيًّا من الطين أو الكير الزق والكور ما بني من الطين (تنفي خبثها) بفتح المعجمة والموحدة وهو ما تبرزه النار من الجواهر المعدنية فيخلصها بما يميزه عنها من ذلك وأنث ضمير الخبث لأنه نزل المدينة منزلة الكير فأعاد الضمير إليها (وينصع) بفتح التحتية (طيبها) بكسر الطاء والرفع، ولأبي ذر: وتنصع بالفوقية فطيبها منصوب. قال في شرح