فإن قلت: إذا نون الاسم كان مطولاً، ولا، عاملة، وقد تقرر أنها عند العمل ناصّة على الاستغراق.
قلت: خص بعضهم الاستغراق بحالة البناء من جهة تضمن معنى: من الاستغراقية، ولو سلّم ما قلته لم يعين عملها في هذا الاسم المنصوب حتى يكون النص على الاستغراق حاصلاً، لاحتمال أن يكون منصوبًا بفعل محذوف، أي لا نجد ولا نرى مانعًا ولا معطيًا، فعدل إلى البناء لسلامته من هذا الاحتمال. اهـ.
(ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما أي: لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنما ينفعه العمل الصالح. فمن، في: ملك بمعنى البدل، كقوله تعالى: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ﴾ [التوبة: ٣٨] أي: بدل الآخرة.
(وقال شعبة) مما وصله السراج في سنده، والطبراني: في الدعاء، وابن حبّان (عن عبد الملك) في رواية أبي ذر، والأصيلي زيادة: ابن عمير (بهذا) الحديث السابق، أي: رواه عنه كما رواه سفيان عنه (و) قال شعبة، أيضًا (عن الحكم) بن عتيبة، مما وصله السراج والطبراني وابن حبان، وثبتت واو: وعن الحكم لابن عساكر (عن القاسم بن مخيمرة) بضم الميم وفتح المعجمة وسكون المثناة وكسر الميم بعدها مفتوحة، (عن وراد بهذا) الحديث أيضًا، ولفظه كلفظ عبد الملك بن عمير، إلا أنهم قالوا فيه: كان إذا قضى صلاته وسلم قال: إلخ (وقال الحسن) البصري، مما وصله ابن أبي حاتم، من طريق أبي رجاء، وعبد بن حميد من طريق سليمان التيمي، كلاهما عن الحسن، أنه قال في قوله تعالى ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ [الجن: ٣](جدُّ غنى) بالرفع بلا تنوين على سبيل الحكاية، مبتدأ خبره غنى، أي: الجد تفسيره غنى، ولكريمة: الجد غنى، وسقط هذا الأثر في رواية الأصيلي وابن عساكر، وتعليق الحكم مؤخر عن تعليق الحسن في رواية أبي ذر، ومقدّم عليه في رواية كريمة، وهو الأصوب. لأن قوله: عن الحكم، معطوف على قوله: عن عبد الملك، وقوله: قال الحسن: جد غنى، معترض بين المعطوف والمعطوف عليه.
ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون إلا محمد بن يوسف، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام، والرقاق، والقدر والدعوات، ومسلم وأبو داود والنسائي في: الصلاة.
١٥٦ - باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ
هذا (باب) بالتنوين (يستقبل الإمام الناس) بوجهه (إذا سلم) من الصلاة.