يذهبون، وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملاً على المعنى، وعدل عن حكاية قول الجنازة: يا ويلي، كراهية أن يضيف الويل إلى نفسه. ومعنى النداء فيه: يا حزني، يا هلاكي، يا عذابي أحضر فهذا وقتك وأوانك. وكل من وقع في هلكة دعا بالويل، وأسند الفعل إلى الجنازة، وأراد الميت، والكلام كما قال ابن بطال: من الروح، وروي مرفوعًا: إن الميت ليعرف من يحمله، ومن يغسله ومن يدليه في قبره، وعن مجاهد: إذا مات الميت فما من شيء إلا وهو يراه عند غسله، وعند حمله، حتى يصير إلى قبره (يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق) أي: لمات.
ومناسبة هذه الترجمة لسابقتها من جهة عرض مقعد الميت عليه، فكأن ابتداءه يكون عند حمل الجنازة، لأنه حينئذٍ يظهر للميت ما يؤول إليه حاله، فعند ذلك يقول: قدّموني قدموني، أو: يا ويلها أين يذهبون بها؟
(باب ما قيل في أولاد المسلمين) غير البالغين (قال) ولأبوي: ذر، والوقت: وقال (أبو هريرة، ﵁، عن النبي ﷺ):
(من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كان له حجابًا من النار) كان بالإفراد، واسمها ضمير يعود على الموت المفهوم مما سبق، أي: كان موتهم له حجابًا، ولأبي ذر، عن الكشميهني: كانوا له حجابًا من النار (أو دخل الجنة). وإذا كانوا سببًا في حجب النار عن الأبوين ودخولهما الجنة، فأولى أن يحجبوا هم عنها، ويدخلوا الجنة. فذلك معلوم من فحوى الخطاب.
وهذا الحديث قال الحافظ ابن حجر: لم أره موصولاً من حديث أبي هريرة على هذا الوجه، لكن عند أحمد عنه مرفوعًا: "ما من مسلمَيْنِ يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وإياهم، بفضل رحمته، الجنة.
ولمسلم عنه أيضًا: أن النبي ﷺ قال لامرأة: دفنت ثلاثة من الولد؟ قالت: نعم. قال: لقد احتظرت بحظار شديد من النار.
وبالسند قال:(حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) بن كثير الدورقي، قال:(حدّثنا ابن علية) بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد المثناة التحتية، إسماعيل بن إبراهيم البصري، وعلية أمه، قال:(حدّثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، ﵁، قال: قال رسول الله، ﷺ):