قالت: يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل؟ (فقال رسول الله ﷺ نعم) يجب عليها الغسل (إذا رأت الماء) أي المني بعد استيقاظها من النوم، فالرؤية بصرية فتتعدى لواحد، ويحتمل أن تكون علمية فتتعدى لمفعولين الثاني مقدّر أي: إذا رأت الماء موجودًا أو غير ذلك قال أبو حيان ﵀: حذف أحد مفعولي رأى وأخواتها عزيز، وقد قيل في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٠] أي البخل خيرًا لهم، وأما حذفها جميعًا فجائز اختصارًا، ومنه قوله تعالى: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْب﴾ [النجم: ٣٥] فهو يرى والظاهر أنها هنا بصرية، وينبني على ذلك أن المرأة إذا علمت أنها أنزلت ولم تره أنه لا غسل عليها، ولمسلم من حديث أنس أن أم سليم حدّثت أنها سألت النبي ﷺ وعائشة عنده فقالت: يا رسول الله المرأة ترى ما يرى الرجل في النام ومن نفسها ما يرى الرجل من نفسه. فقالت عائشة: يا أم سليم فضحت النساء. وعند ابن أبي شيبة فقال: هل تجد شهوة؟ قالت: لعله قال هل تجد بللاً؟ قالت: لعلّه فقال: فلتغتسل. فلقيتها النسوة فقلن فضحتنا عند رسول الله ﷺ فقالت: والله ما كنت لأنتهي حتى أعلم في حلٍّ أنا أم في حرام. وهذا يدل على أن كتمان ذلك من عادتهن لأنه يدل على شدة شهوتهن، وإنما أنكرت أم سلمة على أم سليم لكونها واجهت به النبي ﷺ، واستدل به ابن بطال على أن كل النساء يحتلمن وعكسه غيره. وقال: فيه دليل على أن بعض النساء لا يحتلمن. قال الحافظ ابن حجر ﵀: والظاهر أن مراد ابن بطال الجواز لا الوقوع أي فيهن قابلية ذلك.
ورواة حديث الباب الستة مدنيون إلا شيخ المؤلف، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول وثلاث صحابيات، وأخرجه الستة واتفق الشيخان على إخراجه من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة، وقد جاء عن جماعة من الصحابيات أنهن سألت كسؤال أم سلمة منهن: خولة بنت حكيم كما عند النسائي وأحمد وابن ماجة، وسهلة بنت سهيل كما عند الطبراني، وبسرة بنت صفوان كما عند ابن أبي شيبة.
٢٣ - باب عَرَقِ الْجُنُبِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ
(باب عرق الجنب وأن المسلم) طاهر (لا ينجس) ولو أجنب ومن لازم طهارته طهارة عرقه، وكذا عرق الكافر عند الجمهور.