عن أبناء جنسه ثم في نهايته من الخلوة لتحققه بأنسه ومن حق العبد إذا آثر العزلة أن يعتقد باعتزاله عن الخلق سلامة الناس من شره اهـ.
وفي العزلة فوائد: التفرغ للعبادة وانقطاع طمع الناس عنه وعتبهم عليه والخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى ويحصل بالمخالطة غالبًا الغيبة والرياء والمخاصمة وسرقة الطبع الرذائل. قال الجنيد: مكابدة العزلة أيسر من مداراة الخلطة اهـ. وإنما كان ذلك لأن مكابدة العزلة اشتغال بالنفس خاصة وردّ لها عما تشتهيه بخلاف مداراة الخلطة بالناس مع اختلاف أخلاقهم وشهواتهم وأغراضهم وما يبدو منهم من الأذى وما يحتاج إليه من الحلم والصفح. نعم قد تجب الخلطة لتحصيل علم أو عمل.
٣٥ - باب رَفْعِ الأَمَانَةِ
(باب رفع الأمانة) من الناس حتى يكون الأمين كالمعدوم أو معدومًا.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن سنان) بكسر المهملة وتخفيف النون العوفي قال: (حدّثنا فليح بن سليمان) العدوي مولاهم المدني قال: (حدّثنا هلال بن علي) ويقال له هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال وقد يظن ثلاثة وهو واحد من صغار التابعين (عن عطاء بن يسار) مولى ميمونة بنت الحارث (عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) بضم الضاد المعجمة وكسر التحتية المشددة وهو جواب عن سؤال الأعرابي حيث قال: متى الساعة كما في الحديث المذكور في أول كتاب العلم؟ (قال) الأعرابي (كيف إضاعتها يا رسول الله. قال)﵊: (إذا أسند) بضم الهمزة وسكون المهملة وكسر النون أي فوّض (الأمر) المتعلق بالدين كالخلافة والإمارة والقضاء وغيرها (إلى غير أهله). قال في الكواكب: يأتي بإلى بدل اللام ليدل على تضمين معنى الإسناد أي فوض المناصب كما مر (فانتظر الساعة) الفاء للتفريع أو جواب شرط محذوف أي إذا كان الأمر كذلك فانتظر الساعة.