الصلاة والسلام بذلك التقصي عن أمرهم استطابة لنفوسهم (فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم) في ذلك فطابت نفوسهم به (ثم رجعوا) أي العرفاء (إلى رسول الله ﷺ فأخبروه أنهم) أي القوم (قد طيبوا) ذلك (وأذنوا) لرسول الله ﷺ أن يردّ السبي إليهم، وفيه أنّ إقرار الوكيل عن موكله مقبول لأن العرفاء بمنزلة الوكلاء فيما أقيموا له من أمرهم، وبهذا قال أبو يوسف وقيده أبو حنيفة ومحمد بالحاكم، وقال الشافعية: لا يصح إقرار الوكيل عن موكله بأن يقول: وكّلتك لتقرّ عني لفلان بكذا فيقول الوكيل أقررت عنه بكذا أو جعلته مقرًّا بكذا لأنه إخبار عن حق فلا يقبل التوكيل كالشهادة لكن التوكيل فيه إقرار من الموكل لإشعاره بثبوت الحق عليه، وقيل ليس بإقرار كما أن التوكيل بالإبراء ليس بإبراء ومحل الخلاف إذا قال وكّلتك لتقرّ عني لفلان بكذا، فلو قال أقرّ عني لفلان بألف له علي كان إقرارًا مطلقًا، ولو قال أقرّ له عليّ بألف لم يكن إقرارًا قطعًا صرّح به صاحب التعجيز، وليس في الحديث حجة لجواز الإقرار في الوكيل لأن العرفاء ليسوا وكلاء، وإنما هم كالأمراء عليهم فقبول قولهم في حقهم بمنزلة قبول قول الحاكم في حق من هو حاكم عليه.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الخمس والمغازي والعتق والهبة والأحكام، وأخرجه أبو داود في الجهاد والنسائي في السير بقصة العرفاء مختصرًا.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا وكّل رجل) زاد أبو ذر: رجلاً (أن يعطي) شخصًا (شيئًا ولم يبين) الموكل (كم يعطي فأعطى) أي الوكيل ذلك الشخص (على ما يتعارفه الناس) أي في هذه الصورة فهو جائز.