واستدلّ بقوله في الرواية المفضلة وإن كان مائعًا فلا تقربوه على أنه لا يجوز الانتفاع به في شيء فيحتاج من أجاز الانتفاع به في غير الأكل كالشافعية أو بيعه كالحنفية إلى الجواب عن الحديث، واحتج المجوّزون بحديث ابن عمر عند البيهقي إن كان السمن مائعًا انتفعوا به ولا تأكلوه، وحديث ابن عمر في فأرة وقعت في زيت استصبحوا به وادهنوا به.
وبه قال:(حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال (حدّثنا مالك) إمام دار الهجرة (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود (عن ابن عباس عن ميمونة ﵃) أنها (قالت: سئل النبي ﷺ عن) حكم (فأرة سقطت في سمن) وماتت فيه هل ينجس فلا يؤكل (فقال)ﷺ:
(ألقوها) أي الفأرة (وما حولها) من السمن (وكلوه) أي سائر السمن والمشهور جواز الاستصباح بما حولها لكن يكره وقيل: لا يجوز لقوله تعالى: ﴿والرجز فاهجر﴾ [المدثر: ٥].
وكل هذا في غير المساجد أما المساجد فلا يستصبح به فيها جزمًا ويجوز أن يتخذ صابونًا يغسل به ولا يباع، وقال الظاهرية: لا يجوز بيع السمن ولا الانتفاع به ويجوز بيع الزيت والخل والعسل وجميع المائعات، لأن النهي إنما ورد في السمن دون غيره ويحرم أكل جميع أنواع الفأر ويكره أكل سؤره، وكان الزهري يقول: إن أكل سؤره يورث النسيان.
٣٥ - باب الْوَسْمِ وَالْعَلَمِ فِي الصُّورَةِ
(باب) النهي عن (الوسم) بفتح الواو وسكون السين (والعلم) بفتح العين واللام (في الصورة) أي في وجه الحيوان ليتميز عن غيره، وفي بعض النسخ الوشم بالمعجمة وهو بمعنى الذي بالمهملة أو بالمهملة في الوجه وبالمعجمة في سائر الجسد.
وبه قال:(حدّثنا عبيد الله) بضم العين (ابن موسى) بن باذام الكوفي (عن حنظلة) بن سفيان الجمحي (عن سالم عن ابن عمر)﵄(أنه كره أن تعلم الصورة) بضم المثناة الفوقية وسكون العين المهملة وفتح اللام أي تجعل فيها علامة وللكشميهني الصور بفتح الواو بلا هاء بصيغة الجمع وفي مسلم مرّ النبي ﷺ بحمار قد وسم في وجهه فقال: "لعن الله من فعل هذا