للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث أخرجه النسائي في التفسير.

٢٥ - باب قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ﴾ [النساء: ١٦٣]

هذا (باب) بالتنوين (قوله) ﷿ (﴿إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح﴾) إلى قوله: (﴿ويونس وهارون وسليمان﴾) [النساء: ١٦٣] وسقط لفظ باب لغير أبي ذر وقوله كما أوحينا إلى نوح لغير أبوي ذر والوقت والكاف في كما أوحينا نصب بمصدر محذوف أي إيحاء مثل إيحائنا أو على أنه حال من ذلك المصدر المحذوف وما تحتمل المصدرية فلا تفتقر إلى عائد على الصحيح والموصولية فيكون العائد محذوفًا.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيما رواه ابن إسحاق أن سكينًا وعدي بن زيد قالا: يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى فأنزل الله تعالى في ذلك ﴿إنا أوحينا إليك﴾.

وعن محمد بن كعب القرظي أنزل الله ﴿يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء﴾ إلى قوله: ﴿بهتانًا عظيمًا﴾ [النساء: ١٥٣ - ١٥٦] فلما تلاها عليهم يعني اليهود وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة جحدوا كل ما أنزل الله تعالى وقالوا: ﴿ما أنزل الله على بشر من شيء﴾ فقال: ولا على أحد فأنزل الله ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ [الأنعام: ٩١] إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء.

قال ابن كثير وفي هذا الذي قاله محمد بن كعب نظر فإن هذه الآية مكية في سورة الأنعام وهذه الآية التي في النساء مدنية وهي ردّ عليهم لما سألوه أن ينزل عليهم كتابًا من السماء قال الله تعالى فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم ثم ذكر أنه أوحى إلى عبده كما أوحى إلى غيره من النبيين فقال مخاطبًا حبيبه وآثر صيغة التعظيم تعظيمًا للموحي والموحى إليه ﴿إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح﴾ أي لك أسوة بالأنبياء السالفة فتأس بهم ﴿وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك﴾ لأن شأن وحيك كشأن وحيهم، وبدأ بنوح لأنه أوّل نبي قاسى الشدة من الأمة وعطف عليه النبين من بعده وخص منهم إبراهيم إلى داود تشريفًا لهم وترك ذكر موسى ليبرزه مع ذكرهم بقوله: ﴿وكلم الله موسى تكليمًا﴾ على نمط أعم من الأوّل لأن قوله: ﴿ورسلًا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلًا لم نقصصهم﴾ من التقسيم الخاص مزيدًا لشرفه واختصاصه بوصف التكليم دونهم أي رسلًا فضلهم واختارهم وآتاهم الآيات البينات والمعجزات القاهرات الباهرات إلى ما لا يحصى، وخص موسى بالتكليم وثلث ذكرهم على أسلوب يجمعهم في وصف عام على جهة المدح والتعظيم سار في غيرهم وهو كونهم مبشرين ومنذرين وجعلهم حجة الله على الخلق طرًا لقطع معاذيرهم فيدخل في هذا القسم كل من دعا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>