فقالت ميمونة: يا رسول الله إنه لحم ضب (فرفع رسول الله ﷺ يده عن الضب فقال خالد بن الوليد أحرام الضب يا رسول الله؟ قال):
(لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه) بالعين المهملة والفاء مضارع عفت الشيء أي أجد نفسي تكرهه ولكن للاستدراك ومعناها هنا تأكيد الخبر كأنه قال: ليس هو حرامًا قيل لِم وأنت لم تأكله؟ قال:"لأنه لم يكن بأرض قومي" والفاء في فأجدني فاء السببية (قال خالد: فاجتززته) بالجيم والزاي المكررة (فأكلته ورسول الله) الواو للحال ولأبي الوقت: والنبي (ﷺ ينظر إليّ) استدلّ به للإباحة الأئمة الأربعة ورجحه الطحاوي في شرح معاني الآثار إلا أن صاحب الهداية قال: يكره لنهيه ﷺ عائشة لما سألته عن أكله لكنه ضعيف لا يحتج به.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام. قال المؤلّف:(وحدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ أنه قال: قال رسول الله ﷺ):
(طعام الاثنين) المشبع لهم (كافي الثلاثة) لقوتهم (وطعام الثلاثة) المشبع لهم (كافي الأربعة) لشبعهم لما ينشأ عن بركة الاجتماع فكلما أكثر الجمع ازدادت البركة.
فإن قلت: لا مطابقة بين الترجمة والحديث إذ مقتضى الترجمة أن الواحد يكتفي بنصف ما يشبعه ولفظ الحديث بالثلث ثم الربع. وأجيب: بأنه أشار بالترجمة إلى لفظ حديث آخر ليس على شرطه رواه مسلم، وبأن الجامع بين الحديثين أن مطلق طعام القليل يكفي الكثير وكون طعام الواحد يكفي الاثنين يؤخذ منه أن طعام الاثنين يكفي الثلاثة بطريق الأولى بخلاف عكسه، وعند ابن ماجة من حديث عمر ﵁ طعام الواحد يكفي الاثنين وأن طعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة وأن طعام الأربعة يكفي الخمسة والستة، وقيل: المراد بهذه الأحاديث الحض على المكارم والتقنع بالكفاية، وليس المراد الحصر في المقدار، وإنما المراد المواساة وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما وإدخال رابع أيضًا بحسب من يحضر ففيه أنه لا يستحقر ما عنده فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء.