المهملة وسكون المثناة الفوقية وبالموحدة، (ابن مالك) هو ابن عمرو بن العجلاني الأنصاري الخزرجي السالمي (كان يؤمّ قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، إنها) أي القصة (تكون الظلمة والسيل) سيل الماء. وكان تامة اكتفت بمرفوعها عن الخبر (وأنا رجل ضرير البصر) أي ناقصه، قال ابن عبد البر: كان ضرير البصر ثم عمي، ويؤيده قوله في الرواية الأخرى: وفي بصري بعض الشيء، ويقال للناقص: ضرير البصر، فإذا عمي أطلق عليه ضرير من غير تقييد بالبصر، وذكر الثلاثة: الظلمة، والسيل، ونقص البصر، وإن كان كل قدر منها كافيًا في العذر عن ترك الجماعة ليبين كثرة موانعه، وأنه حريص على الجماعة، (فصلّي يا رسول الله في بيتي مكانًا) نصب على الظرفية وإن كان محدودًا لتوغله في الإبهام، فأشبه خلف ونحوها، أو على نزع الخافض (أتخذه) بالجزم لوقوعه في جواب الأمر، أي إن تصل فيه أتخذه وبالرفع، والجملة في محل نصب صفة لمكانًا، أو مستأنفة لا محل لها (مصلّى) بضم الميم. أي: موضعًا للصلاة، (فجاءه رسول الله ﷺ فقال):
(أين تحب أن أصلي) من بيتك؟ (فأشار) عتبان له ﵊(إلى مكان) معين (من البيت، فصلّى فيه رسول الله ﷺ).
وساق المؤلّف هذا الحديث مساق الاحتجاج به على سقوط الجماعة للعذر، لكن قد يقال إنما يدل على الرخصة في ترك الجماعة في المسجد لا على تركها مطلقًا، نعم يؤخذ من قوله: فصل يا رسول الله في بيتي مكانًا أتخذه مصلّى صحة صلاة المنفرد، إذ لو لم تصح لبيّن ﵊ له ذلك بأن يقول له مثلاً: لا تصح لك في مصلاك هذا صلاة حتى تجتمع فيه مع غيرك. وفي الحديث من الفوائد جواز إمامة الأعمى، واتخاذ موضع معين من البيت مسجدًا.
هذا (باب) بالتنوين (هل يصلّي الإمام بمن حضر) من أصحاب الأعذار المرخصة للتخلّف عن الجماعة؟ (وهل يخطب) الخطيب (يوم الجمعة في المطر) إذا حضر، وهم أيضًا ويصلّي بهم الجمعة؟ نعم يصلّي ويخطب من غير كراهة في ذلك. وحينئذ فالأمر بالصلاة في الرحال للإباحة لا للندب.