والمعنى أن عمله لازم له لزوم القلادة أو الغل لا ينفك عنه وخص العنق حيث قال في عنقه من بين سائر الأعضاء لأن الذي عليه إما أن يكون خيرًا يزينه أو شرًّا يثينه وما يزين يكون كالطوق والحلي وما يشين يكون كالغل.
(قال) ولأبي ذر وقال: (ابن عباس)﵄ مما وصله ابن عيينة في تفسيره في قوله: ﴿واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا﴾ [الإسراء: ٨٢] وقوله: ﴿فقد جعلنا لوليه سلطانًا﴾ [الإسراء: ٣٣](كل سلطان) ذكر (في القرآن فهو حجة) فمعنى سلطانًا نصيرًا حجة ينصرني على من خالفني، وجعلنا لوليه سلطانًا حجة يتسلط بها على المؤاخذة بمقتضى القتل.
(﴿ولي من الذل﴾) أي (لم يحالف) بالحاء المهملة أي لم يوال (أحدًا) من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته.
(باب قوله) جل وعلا: (﴿أسرى بعبده﴾) محمد ﷺ بجسده وروحه يقظة (﴿ليلًا من المسجد الحرام﴾)[الإسراء: ١] مسجد مكة بعينه لحديث أنس المروي في الصحيحين، وسرى وأسرى بمعنى وقال (ليلًا) بلفظ التنكير.
قال الزمخشري: ليفيد تقليل مدّة الإسراء وأنه أسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة فدلّ على أن التنكير دل على البعضية، ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة من الليل أي بعضه كقوله: ﴿ومن الليل فتهجد به﴾ [الإسراء: ٧٩] اهـ.
قال صاحب الدر: فيكون سرى وأسرى كسقى وأسقى والهمزة ليست للتعدية وإنما المعدي الباء في بعبده وقد تقرر أنها لا تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول عند الجمهور خلافًا للمبرد، وزعم ابن عطية أن مفعول أسرى محذوف وأن التعدية بالهمزة أي أسرى الملائكة بعبده لأنه يبعد أن يسند أسرى، وهو بمعنى سرى إلى الله تعالى إذ هو فعل يقتضي النقلة كمشى وانتقل فلا يحسن إسناد شيء من هذا مع وجود مندوحة عنه، فإذا وقع في الشريعة شيء من ذلك تأوّلناه نحو أتيته هرولة.
قال شهاب الدين: وهذا كله إنما بناه اعتقادًا على أن التعدية بالباء تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول في ذلك وهذا شيء ذهب إليه المبرد، فإذا قلت: قمت بزيد لزم منه قيامك وقيام زيد عنده، وهذا ليس كذلك التبست عنده باء التعدية بباء الحال فباء الحال تلزم فيها المشاركة إذ المعنى قمت ملتبسًا بزيد وباء التعدية مرادفة للهمزة فقمت بزيد والباء للتعدية كقولك: أقمت زيدًا ولا يلزم من إقامتك هو أن تقوم أنت وأيضًا فموارد القرآن في فأسر بقطع الهمزة ووصلها تقتضي أنهما بمعنى واحد ألا ترى أن قوله: فاسر باهلك وأن أسر بعبادي قرئ بالقطع والوصل ويبعد