أحدهما: أنه يعود على ما يفهم من السياق فإنه جاء في سبب نزولها عن أبيّ بن كعب أن المشركين قالوا للنبي ﷺ انسب لنا ربك فنزلت. رواه الترمذي والطبري والأول من وجه آخر مرسلًا وقال: هذا أصح وصحح الموصول ابن خزيمة والحاكم وحينئذ فجوز أن يكون الله مبتدأ واحد خبره والجملة خبر الأول ويجوز أن يكون الله بدلًا واحد الخبر وأن يكون الله خبرًا أول واحد خبرًا ثانيًا وأن يكون أحد خبر مبتدأ محذوف أي هو أحد.
والثاني: أنه ضمير الشأن لأنه موضع تعظيم والجملة بعده خبره مفسرة ولم يثبت لفظ الأحد في جامع الترمذي والدعوات للبيهقي نعم ثبت اللفظان في جامع الأصول.
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(قال الله تعالى: كذبني ابن آدم) بتشديد الذال المعجمة أي بعض بني آدم وهم من أنكر البعث (ولم يكن له ذلك) التكذيب (وشتمني ولم يكن له ذلك) الشتم (فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعبدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته وأما شتمه إيّاي فقوله اتخذ الله ولدًا) وإنما كان شتمًا لما فيه من التنقيص لأن الولد إنما يكون عن والد يحمله ثم يضعه ويستلزم ذلك سبق نكاح والناكح يستدعي باعثًا له على ذلك والله تعالى منزّه عن ذلك (وأنا الأحد الصمد) فعل بمعنى مفعول كالقنص والنقص (لم ألد ولم أُولد) لأنه لما كان تعالى واجب الوجود ذاته قديمًا موجودًا قبل وجود الأشياء وكان كل مولود محدثًا انتفت عنه الوالدية ولما كان لا يشبهه أحد من خلقه ولا يجانسه حتى يكون له من جنسه صاحبة فيتوالد انتفت عنه الوالدية ولأبي ذر لم يلد ولم يولد (ولم يكن لي كفوًا أحد) أي مكافئًا ومماثلًا فلي متعلق بكفوًا وقدم عليه لأنه محط القصد بالنفي وأخر أحد وهو اسم يكن عن خبرها رعاية للفاصلة، وقوله لم يكن لي بعد قوله لم يلد التفات.
قال الشيخ عز الدّين بن عبد السلام -رحمه الله تعالى- السلوب الواجبة لله تعالى على قسمين أحدهما سلب نقيصة كالسنة والنوم والموت، والثاني ليس سلبًا للنقص بل سلبًا للمشارك في الكمال كسلب الشريك، وأما قوله تعالى: ﴿لم يلد ولم يولد﴾ فإنه سلب للنقص إذ الولد والوالد