وأجيب: بأنه لا اعتبار للمفهوم حيث نطق القرآن صريحًا بخلافه في قوله تعالى: ﴿فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب﴾ [النساء: ٢٥] فالحديث دل على جلد غير المحصن، والآية على جلد المحصن والرجم لا يتنصف فيجلدان عملاً بالدليلين أو يجاب بأن المراد بالإحصان هنا الحرية كما في قوله تعالى: ﴿ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات﴾ [النساء: ٢٥] أو التي لم تتزوّج أو لم تسلم كما في قوله تعالى: ﴿فإذا أحصن﴾ الآية قيل بمعنى أسلمن وقيل تزوّجن. وقول الطحاوي إن قوله ولم تحصن لم يذكرها أحد غير مالك أنكره عليه الحفاظ فقالوا لم ينفرد بها بل رواها ابن عيينة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب كما رواه مالك، وإنما أعاد الزنا في الجواب غير مقيد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له وأن الموجب في الأمة مطلق الزنا.
(ثم وإن زنت فاجلدوها ثم وإن زنت فبيعوها) بعد جلدها (ولو بضفير) فعيل بمعنى مفعول أي حبل مفتول أو منسوج من الشعر وهذا على جهة التزهيد فيها وليس من إضاعة المال بل هو حثّ لها على مجانبة الزنا.
واستشكله ابن المنير بأنه ﵊ نصح هؤلاء في إبعادها والنصيحة عامّة للمسلمين فيدخل فيها المشتري فينصح في إبعادها وأن لا يشتريها فكيف يتصوّر نصيحة الجانبين وكيف يقع البيع إذا انتصحا معًا؟ وأجاب: بأن المباعدة إنما توجهت على البائع لأنه الذي لدغ فيها مرة بعد أخرى ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ولا كذلك المشتري فإنه بعد لم يجرب منها سوءًا فليست وظيفته في المباعدة كالبائع انتهى. ولعلها أن تستعف عند المشتري بأن يزوّجها أو يعفها بنفسه أو يصونها بهيبته أو بالإحسان إليها.
(قال ابن شهاب) الزهري (لا أدري بعد الثالثة) ولأبي ذر عن الكشميهني: أبعد الثالثة بهمزة الاستفهام أي هل أراد أن بيعها يكون بعد الزنية الثالثة (أو الرابعة) وقد جزم أبو سعيد بأنه في الثالثة كما مرّ.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في المحاربين والعتق وفي البيوع أيضًا، وأخرجه مسلم في الحدود وكذا أبو داود، وأخرجه النسائي في الرجم وابن ماجة في الحدود والله أعلم.
٦٧ - باب الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ النِّسَاءِ
(باب) حكم (البيع والشراء مع النساء) ولأبي ذر: الشراء والبيع بتقديم الشراء.