(وحضرت الصلاة فصلّى) الرجل (مع النبي ﷺ فلما قضى النبي ﷺ الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًّا فأقم فيّ كتاب الله) أي ما حكم به تعالى في كتابه من الحدّ (قال):
(أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم. قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك -أو قال- حدّك) أي ما يوجب حدّك، والشك من الراوي، ويحتمل أن يكون ﷺ اطلع بالوحي على أن الله قد غفر له لكونها واقعة عين وإلاّ لكان يستفسره عن الحد ويقيمه عليه قاله الخطابي، وجزم النووي وجماعة أن الذنب الذي فعله كان من الصغائر بدليل قوله: إنه كفرته الصلاة بناء على أن الذي تكفره الصلاة من الذنوب الصغائر لا الكبائر.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا بالجمع (عبد الله بن محمد الجعفي) المسندي قال: (حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم قال: (حدّثنا أبي) جرير بن حازم بن زيد البصري (قال: سمعت يعلى بن حكيم) الثقفي مولاهم البصري (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس ﵄) أنه (قال: لما أتى ماعز بن مالك) الأسلمي (النبي ﷺ) فقال: إنه زنى فأعرض عنه فأعاد عليه مرارًا فسأل قومه: أمجنون هو؟ قالوا: ليس به بأس. أخرجه أحمد وأبو داود عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس بسند على شرط البخاري (قال)ﷺ(له):
(لعلك قبّلت) المرأة فالمفعول محذوف للعلم به (أو غمزتـ) ـها بعينك أو بيدك وعند الإِسماعيلي بلفظ لعلك قبلت أو لمست (أو نظرت) إليها فأطلق على كل ذلك زنا لكنه لا حد في ذلك (قال: لا يا رسول الله. قال)ﷺ: (أنكتها)؟ بهمزة استفهام فنون مكسورة فكاف ساكنة ففوقية فهاء فألف من النيك (لا يكنى) بفتح التحتية وسكون الكاف وكسر النون من الكناية أي أنه ذكر هذا اللفظ صريحًا ولم يكنّ عنه بلفظ آخر كالجماع لأن الحدود لا تثبت بالكنايات، وفي حديث نعيم بن هزال عند أبي داود هل ضاجعتها؟ قال: نعم قال: فهل باشرتها؟ قال: نعم قال: هل جامعتها؟ قال: نعم (قال) ابن عباس (فعند ذلك) الإقرار بصريح الزنا (أمر)ﷺ(برجمه) وفيه جواز تلقين المقر في الحدود والتصريح بما يستحيا من التلفظ به للحاجة الملجئة لذلك.