الصالحة فيه فلا يخلو من نزاع في تعيين سنته (ولا من) وقت (وفاته) لما يقع في تذكره من الأسف والتألم على فراقه (ما عدوا) ذلك (إلا من) وقت (مقدمه المدينة) مهاجرًا، وإنما جعلوه من أوّل المحرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في أول المحرم إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال محرم، فناسب أن يجعل مبتدأ وكان ذلك في خلافة عمر ﵁ سنة سبع عشرة فجمع الناس فقال بعضهم: أرخ بالمبعث وقال بعضهم: بالهجرة فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها، وبالمحرم لأنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه. رواه الحاكم وغيره، والذي تحصل من مجموع الآثار أن الذي أشار بالمحرم عمر وعثمان وعلي.
وذكر السهيلي أن الصحابة ﵃ أخذوا التاريخ بالهجرة من قوله تعالى: ﴿لمسجد أسس على التقوى من أول يوم﴾ [التوبة: ١٠٨] لأنه من المعلوم أنه ليس أول الأيام مطلقًا، فتعين أنه أضيف إلى شيء مضمر وهو أول الزمن الذي عز فيه الإسلام وعبد فيه النبي ﷺ ربه آمنًا وابتدئ فيه ببناء المساجد، فوافق رأي الصحابة ﵃ ابتداء التاريخ من ذلك اليوم وفهمنا من فعلهم أن قوله تعالى: ﴿من أول يوم﴾ أنه أول التاريخ الإسلامي.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغرًا أبو معاوية البصري قال: (حدثنا معمر) هو ابن راشد الأزدي (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة ﵂) وأنها (قالت: فرضت الصلاة) بمكة (ركعتين) في كتاب الصلاة ركعتين ركعتين بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة في الحضر والسفر (ثم هاجر النبي ﷺ) إلى المدينة (ففرضت أربعًا) أربعًا (وتركت صلاة السفر) ركعتين ركعتين (على) الفريضة (الأولى) بضم الهمزة ولأبي ذر على الأول من عدم وجوب الزائد بخلاف صلاة الحضر فإنه زيد في ثلاث منها ركعتان (تابعه) أي تابع يزيد بن زريع (عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (عن معمر) هو ابن راشد السابق وهذه المتابعة وصلها الإسماعيلي.
(باب قول النبي ﷺ): (اللهم أمض) بهمزة قطع (لأصحابي هجرتهم) أي تممها لهم ولا تنقصها عليهم (ومرثيته) بفتح الميم وسكون الراء وكسر المثلثة وفتح التحتية المخففة بعدها فوقية