قال:(سمعت جابر بن سمرة) بفتح المهملة وضم الميم ﵁(قال: سمعت النبي ﷺ يقول):
(يكون اثنا عشر أميرًا) وعند مسلم من رواية سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير لا يزال أمر الناس ماضيًا ما وليهم اثنا عشر رجلاً (فقال)﵊(كلمة لم أسمعها فقال أبي) سمرة (إنه قال: كلهم من قريش) وفي رواية سفيان فسألت أبي ماذا قال رسول الله ﷺ؟ فقال: كلهم من قريش. وعند أبي داود من طريق الشعبي عن جابر بن سمرة: لا يزال هذا الدين عزيزًا إلى اثني عشر خليفة. قال: فكبّر الناس وضجّوا فلعل هذا هو سبب خفاء الكلمة المذكورة على جابر، وفيه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم وهي كون الإسلام عزيزًا. وعند أبي داود أيضًا من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة: لا يزال هذا الدّين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة، فيحتمل أن يكون المراد أن تكون الاثنا عشر في مدة عزّة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة كما في رواية أبي داود كلهم تجتمع عليه الأمة، وهذا قد وجد فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم وتغيرت الأحوال عما كانت عليه تغيرًا بيّنًا.
وهذا العدد موجود صحيح إذا اعتبر، وقيل يكونون في زمن واحد كلهم يدّعي الإمارة تفترق الناس عليهم، وقد وقع في المائة الخامسة في الأندلس وحدها ستة أنفس كلهم تسمي بالخلافة ومعهم صاحب مصر والعباسي ببغداد إلى من كان يدّعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج، ويحتمل أن تكون الاثنا عشر خليفة بعد الزمن النبوي فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسًا منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما وهما: معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم، والباقون اثنا عشر نفسًا على الولاء كما أخبر النبي ﷺ، وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة وتغيرت الأحوال بعده، وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون ولا يقدح في ذلك قوله في الحديث الآخر: يجتمع عليهم الناس لأنه يحمل على أكثر الأغلب لأن هذه الصفة لم تفقد منهم إلا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير وكانت الأمور في غالب أزمنة هؤلاء الاثني عشر منتظمة وإن وجد في بعض مدتهم خلاف ذلك فهو بالنسبة إلى الاستقامة نادر والله أعلم اهـ. ملخصًا من فتح الباري.
(باب إخراج الخصوم) أي أهل المخاصمات (وأهل الريب) بكسر الراء وفتح التحتية التهم (من البيوت بعد المعرفة) أي بعد الشهر بذلك لتأذي الجيران بهم ولمجاهرتهم بالمعاصي. (وقد