(فيقول) له (أعملت كذا وكذا فيقول) العبد (نعم) يا رب (ويقول) له (عملت) وللأصيلي أعملت (كذا وكذا فيقول نعم) يا رب (فيقرره) بذنوبه ليعرّفه منّته عليه في ستره في الدنيا وعفوه في الآخرة (ثم يقول) تعالى (إني سترت) ذنوبك (عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم).
ومطابقته للترجمة في قوله فيقول في الموضعين وأخرجه في باب قول الله تعالى: ﴿ألا لعنة الله على الظالمين﴾ [هود: ١٨] من كتاب المظالم.
(وقال آدم) بن أبي إياس (حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة قال: (حدّثنا صفوان) بن محرز (عن ابن عمر) أنه قال: (سمعت النبي ﷺ) ذكره لتصريح قتادة بقوله حدّثنا صفوان، وليس في أحاديث هذا الباب كلام الرب مع الأنبياء إلا في حديث أنس وإذا ثبت كلامه مع غير الأنبياء فوقوعه معهم أولى والله الموفّق.
٣٧ - باب قَوْلِهِ: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤]
(باب قوله)﷿: (﴿وكلم الله موسى تكليمًا﴾ [النساء: ١٦٤]) الجمهور على رفع الجلالة الشريفة وتكليمًا مصدر رافع للمجاز قال الفراء العرب تسمي ما يوصل إلى الإنسان كلامًا بأيّ طريق وصل، ولكن لا تحققه بالمصدر فإذا تحقق بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام، وقال القرطبي: تكليمًا مصدر معناه التأكيد، وهذا يدل على بطلان قول من يقول خلق الله لنفسه كلامًا في شجرة يسمعه موسى بل هو الكلام الحقيقي الذي يكون به المتكلم متكلمًا قال النحّاس: وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصادر لم يكن مجازًا وأنه لا يجوز في قول الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني
أن يقول وقال قولاً، وكذا لما قال تكليمًا وجب أن يكون كلامًا على الحقيقة. قال في المصابيح بعد أن ذكر نحو ما ذكرته، واعترض هذا بقوله تعالى: ﴿ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا﴾ [النمل: ٥٠] وقوله تعالى: (﴿وأكيد كيدًا﴾ [الطارق: ١٦] وقول الشاعر:
بكى الخز من روح وأنكر جلده … وعجبت عجيجًا من جذام المطارف
فإن ذلك كله مجاز مع وجود التأكيد بالمصدر، ولهذا قال بعضهم: والتأكيد بالمصدر يرفع المجاز في الأمر العام يريد الغالب قال: وكان الشيخ بهاء الدين بن عقيل يقول الجواب عن هذا البيت يؤيد تحقيقًا سمعناه من شيخنا علاء الدين القونوي فيقول لا تخلو الجملة التي أكد الفعل فيها بالمصدر من أن تكون صالحة لأن تستعمل لكلٍّ من المعنيين يريد الحقيقة والمجاز أو لا يصلح استعمالها إلا في المعنى المجازي فقط فإن كان الأول كان التأكيد بالمصدر يرفع المجاز وإن كان الثاني لم يكن التأكيد رافعًا له فمثال الأول قولك ضربت زيدًا ضربًا ومثال الثاني البيت المذكور لأن عجيج المطارف لا يقع إلا مجازًا اهـ.