رسول الله ﷺ يقول: وهو) أي والحال أنه (على المنبر):
(إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا) ولأبي ذر عن الكشميهني: استأذنوني (في أن ينكحوا) بضم أوّله من أنكح (ابنتهم) جويرة أو العوراء أو جميلة بنت أبي جهل (علي بن أبي طالب) وبنو هشام هم أعمام بنت أبي جهل لأنه أبو الحكم عمرو بن هشام بن المغيرة وقد أسلم أخواه الحارث بن هشام وسلمة بن هشام عام الفتح، وعند الحاكم بسند صحيح إلى سويد بن غفلة أحد المخضرمين ممن أسلم في حياة النبي-ﷺ ولم يلقه قال: خطب علي بنت أبي جهل إلى عمها الحارث فاستشار النبي ﷺ فقال: أعن حسبها تسألني؟ فقال: لا ولكن أتأمرني بها؟ قال: لا الحديث (فلا آذن) لهم في ذلك (ثم لا آذن) لهم في ذلك (ثم لا آذن) لهم بالتكرير ثلاثًا.
قال الكرماني، فإن قلت: لا بد في العطف من المغايرة بين المعطوفين. وأجاب: بأن الثاني فيه مغايرة للأول لأن فيه تأكيدًا ليس في الأول، وفيه إشارة إلى تأبيد مدة منع الإذن كأنه أراد رفع المجاز لاحتمال أن يحمل النفي على مدة بعينها فقال: ثم لا آذن أي ولو مضت المدة المفروضة تقديرًا لا آذن بعدها ثم كذلك أبدًا.
(إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم) بفتح الياء من ينكح (فإنما هي) أي فاطمة (بضعة) بفتح الموحدة وسكون المعجمة وحكي ضم الموحدة وكسرها أي قطعة لحم (مني يريبني) بضم أوله (ما أرابها) تقول أرابني فلان إذا رأيت منه ما تكرهه (ويؤذيني ما آذاها).
وحينئذٍ فمن آذى فاطمة فقد آذى النبي ﷺ وأذاه حرام اتفاقًا. وزاد في رواية الزهري في الُخمس. "وأنا أتخوف أن تفتن في دينها وإني لست أحرم حلالًا ولا أحل حرامًا ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله ﷺ وبنت عدو الله أبدًا".
قال السفاقسي: أصح ما تحمل عليه هذه القصة أنه ﷺ حرم على علي أن يجمع بين ابنته وابنة أبي جهل لأنه علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرام بالإجماع ومعنى قوله لا أحرم حلالًا أي هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة وأما الجمع بينهما المستلزم تأذيه لتأذي فاطمة به فلا اهـ.
ولا يبعد أن يكون من خصائصه ﷺ أن لا يتزوج على بناته أو هو خاص بفاطمة. وزاد في رواية غير أبي ذر هكذا قال:
وهذا الحديث قد سبق في مناقب فاطمة ويأتي إن شاء الله تعالى في الطلاق.
هذا (باب) بالتنوين (يقل الرجال ويكثر النساء) أي في آخر الزمان (وقال أبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ﵁ فيما سبق موصولًا في باب الصدقة قبل الرد من كتاب