قال محيي السنّة إنه ﷺ وصف يوسف ﵊ بالأناة والصبر حيث لم يبادر إلى الخروج حين جاءه رسول الملك فعل المذنب حين يعفى عنه مع طول لبثه في السجن، بل قال ﴿ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن﴾ [يوسف: ٥٠] أراد أن يقيم الحجة في حبسهم إياه ظلمًا فقال ﷺ على سبيل التواضع لا أنه صلوات الله وسلامه عليه كان في الأمر منه مبادرة وعجلة لو كان مكان يوسف ﷺ والتواضع لا يصغر كبيرًا ولا يضع رفيعًا ولا يبطل لذي حق حقًّا لكنه يوجب لصاحبه فضلاً ويكسبه جلالاً وقدرًا (ونحن أحق من إبراهيم) في سورة البقرة وغيرها ونحن أحق بالشك من إبراهيم يعني لو كان الشك متطرقًا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به وقد علمتم أني لم أشك فإبراهيم ﷺ لم يشك (﴿إذ قال له﴾) ربه جل وعلا (﴿أولم تؤمن﴾) بعد قوله: ﴿رب أرني كيف تحيي الموتى﴾ (﴿قال بلى﴾) آمنت (﴿ولكن﴾) سألتك أن تريني كيف الإحياء (﴿ليطمئن قلبي﴾)[البقرة: ٢٦٠] فلم يكن شك في القدرة على الإحياء، بل أراد الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين مع مشاهدة الكيفية.
٦ - باب قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ [يوسف: ١١٠]
(باب قوله) تعالى: (﴿حتى إذا استيأس الرسل﴾)[يوسف: ١١٠] ليس في الكلام شيء تكون حتى غاية له ولذا اختلف في تقدير شيء يصح تغييته بحتى فقدره الزمخشري وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً فتراخى نصرهم حتى وقدره القرطبي وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلا رجالاً ثم لم نعاقب أمتهم بالعقاب حتى إذا وقدره ابن الجوزي وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً فدعوا قومهم فكذبوهم وطال دعاؤهم وتكذيب قومهم حتى. قال في اللباب وأحسنها الأول اهـ.
وبه قال:(حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن أويس أبو القاسم القرشي الأويسي المدني الأعرج قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (عن عائشة ﵂) أنها (قالت له) أي لعروة وسقط لفظ له