(قالت: قلت يا رسول الله هل لك في) تزويج أختي عزّة أو درّة أو حمنة (بنت أبي سفيان؟ قال):
(فأفعل ماذا)؟ قالت أم حبيبة:(قلت) يا رسول الله (تنكحـ) ـها (قال: أتحبين)؟ أي ذلك وأراد بالاستفهام الاستثبات في شدة الرغبة ليتقرر الجواب بعد ذلك، وأيضًا ليعلم السبب في محبتها ذلك ليرتب عليه الحكم الشرعي، ولذا قالت (قلت لست لك بمخلية) بضم الميم وسكون المعجمة اسم فاعل من أخلاه وجده خاليًا فهو مخل والمرأة مخلية، وهذا من معاني صيغة أفعل كأحمدته وجدته حميدًا أي لست أجدك خاليًا من الزوجات غيري (وأحب من شركني) بفتح الشين وكسر الراء وتفتح من غير ألف (فيك أختي قال)﵊: (إنها لا تحل لي) لما فيه من الجمع بين الأختين (قلت) يا رسول الله (بلغني أنك تخطب) أي بنت أبي سلمة درة (قال: ابنة أم سلمة) أي أأنكحها (قلت: نعم. قال)﵊: (لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي أرضعتني وأباها) بفتح الهمزة والموحدة المخففة أي والد درة أبا سلمة (ثويبة) رفع على الفاعلية وقوله: لو لم قال في المصابيح: هذا مثل نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه فإن حلها للنبي ﷺ منتف من جهتين كونها ربيبته وكونها ابنة أخيه من الرضاعة كما أن معصية صهيب منتفية من جهتي المخافة والإجلال (فلا تعرضن) بفتح التاء وكسر الراء وسكون الضاد كيضربن (عليّ بناتكن ولا أخواتكن).
(وقال الليث) بن سعد الإمام (حدّثنا هشام) أي ابن عروة بالإسناد المذكور فسمى بنت أبي سلمة فقال: هي (درة) بضم الدال المهملة وفتح الراء المشددة (بنت أبي سلمة) ولأبي ذر أم سلمة فوهم من سماها زينب.
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿وأن تجمعوا بين الأختين﴾) في موضع رفع عطفًا على المحرمات. أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين لما فيه من قطيعة الرحم وإن رضيت بذلك فإن الطبع يتغير، وإليه أشار ﷺ بقوله:"إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن". كما زاده ابن حبان وغيره سواء كانتا من الأبوين أو من أحدهما من النسب أو الرضاع وسواء النكاح وملك اليمين، ولو اشترى زوجته بأن كانت أمة فله أن يتزوج أختها وأربعًا سواها لأن ذلك الفراش قد انقطع، ولو اشترى أختين صح الشراء إجماعًا لأنه لا يتعين الوطء فلو وطئ إحداهما ولو في الدبر حرمت الأخرى للجمع المنهي عنه (﴿إلا ما قد سلف﴾)[النساء: ٢٣] من الجمع بينهما فمعفوّ عنه.