(كتاب السلم) بفتح السين واللام السلف. قال النووي: وذكروا في حد السلم عبارات أحسنها أنه عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً بمجلس البيع سمي سلمًا لتسليم رأس المال في المجلس وسلفًا لتقديم رأس المال، وأورد عليه أن اعتبار التعجيل شرط لصحة السلم لا ركن فيه.
وأجيب: بأن ذلك رسم لا يقدح فيه ما ذكر وأجمع المسلمون على جواز السلم انتهى.
وفي التلويح: وكرهت طائفة السلم، وروي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود أنه كان يكرهه والأصل في جوازه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] قال ابن عباس أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحلّه الله في كتابه ثم تلا الآية، وفيه ما يدل على ذلك وهو قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ [البقرة: ٢٨٢] وهذا في البيع الناجز فدلّ على أن ما قبله في الموصوف غير الناجز، واختلف في بعض شروطه مع الاتفاق على أنه يشترط له ما يشترط للبيع وعلى تسليم رأس المال في المجلس قاله في فتح الباري وهذا فيه نظر فإن مذهب المالكية يجوز تأخيره كله أو بعضه إلى ثلاثة أيام على المشهور لخفة الأمر في ذلك، وقيل لا يجوز للدين بالدين وعلى القول باشتراط تسليم رأس المال في المجلس لو تفرقا بعد قبض البعض صحّ فيه بقسطه ويشترط أيضًا في السلم كون المسلم فيه دينًا لأنه الذي وضع له لفظ المسلم.
فإن قال: أسلمت إليك ألفًا في هذا العبد مثلاً أو أسلمت إليك هذا العبد في هذا الثوب فليس بسلم لانتفاء شرطه ولا بيعًا لاختلال لفظه لأن لفظ السلم يقتضي الدينية ويشترط أيضًا القدرة على التسليم للمسلم إليه وقت الوجوب، فإن أسلم فيما يعدم وقت الحلول كالرطب في الشتاء أو