الصلاة ولم يلتفت إليه) أي إلى المال، (فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه فما كان يرى أحدًا إلاّ أعطاه) منه (إذ جاءه)(العباس) عمه (﵁) قال في المصابيح: المعنى والله أعلم فبينما هو على ذلك إذ جاءه العباس (فقال: يا رسول الله أعطني) فإني فاديت نفسي يوم بدر (وفاديت عقيلاً) بفتح العين المهملة وكسر القاف ابن أخي أي حين أسرنا يوم بدر (فقال له) أي للعباس (رسول الله ﷺ: خذ. فحثى) بالمهملة والمثلثة من الحثية وهي ملء اليد (فى ثوبه) أي حثى العباس في ثوبه نفسه، (ثم ذهب)﵁(يقله) بضم الياء أي يرفعه (فلم يستطع) حمله (فقال: يا رسول الله أؤمر بعضهم يرفعه إليَّ) بياء المضارعة. والجزم جوابًا للأمر أي فإن تأمره يرفعه أو بالرفع استئنافًا أي: هو يرفعه والضمير المستتر فيه يرجع إلى البعض، والبارز إلى المال الذي حثاه في ثوبه، وأؤمر بهمزة مضمومة فأخرى ساكنة، وتحذف الأولى عند الوصل وتصير الثانية ساكنة، وهذا جار على الأصل.
وللأصيلي مُر على وزن على فحذف منه فاء الفعل لاجتماع المثلين في أوّل كلمة، وهو مؤدّ إلى الاستثقال فصار أمر فاستغنى عن همزة الوصل لتحرّك ما بعدها فحذفت، ولأبي ذر في نسخة يرفعه بالموحدة المكسورة وسكون الفاء. (قال)﵇(لا) آمر أحدًا يرفعه. (قال: فارفعه أنت عليّ) قال: (لا) أرفعه وإنما فعل ﵇ ذلك معه تنبيهًا له على الاقتصاد وترك الاستكثار من المال، (فنثر) العباس (منه ثم ذهب يقله) فلم يستطع حمله (فقال) العباس (يا رسول الله اؤمر) وللأصيلي مر (بعضهم يرفعه) بالجزم أو الرفع (قال: لا) آمر (قال: فارفعه أنت عليّ، قال)﵊(لا) أرفعه (فنثر منه) العباس (ثم احتمله فألقاه على كاهله) ما بين كتفيه، (ثم انطلق)﵁(فما زال رسول الله ﷺ يتبعه) بضم أوّله وسكون ثانيه وكسر ثالثه من الاتباع أي ما زال النبى ﷺ يتبع العباس (بصره حتى خفي علينا عجبًا من حرصه) بفتح العين والنصب مفعولاً مطلقًا، (فما قام رسول الله ﷺ) من ذلك المجلس (وثم) بفتح المثلثة أي وهناك (منها) أي من الدراهم (درهم) جملة حالية من مبتدأ مؤخر وهو درهم وخبره منها، ومراده نفي أن يكون هناك درهم فالحال قيد للمنفي لا للنفي، فالمجموع منتفٍ بانتفاء القيد لانتفاء المقيد وإن كان ظاهره نفي القيام حالة ثبوت الدراهم قاله البرماوي والعيني نحوه، ولم يذكر المؤلّف حديثًا في تعليق القنو، لكن قال ابن الملقن: أخذه من جواز وضع المال في المسجد بجامع أن كلاًّ منهما وضع لأخذ المحتاجين منه، وأشار بذلك إلى
حديث عوف بن مالك الأشجعي عند النسائي بإسناد قوي أنه ﷺ خرج وبيده عصا وقد علق رجل قنو حشف فجعل يطعن في ذلك القنو ويقول: لو شاء ربّ هذه الصدقة لتصدّق بأطيب من هذا وليس على شرطه.