١٣٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ، يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ".
وبالسند قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي، قال: (حدّثنا ليث) بلام واحد، هو: ابن سعد الفهمي الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبد الرحمن بن كعب) ولأبي ذر، زيادة: ابن مالك، (عن جابر) هو: ابن عبد الله، ﵁، (قال: قال النبي ﷺ):
(ادفنوهم) بكسر الفاء والهمزة همزة وصل في اليونينية، أي: المستشهدين (في دمائهم يعني يوم أحد، ولم يغسلهم) إبقاء لأثر الشهادة عليهم، وقوله: يغسلهم، بضم أوّله وفتح ثانيه وتشديد ثالثه، ولأبي ذر: ولم يغسلهم بفتح أوّله وسكون ثانيه وتخفيف ثالثه، واستدلّ بعمومه على أن الشهيد لا يغسل، حتى ولا الجنب، والحائض، وهو الأصح عند الشافعية.
وفي حديث أحمد عن جابر أيضًا أنه ﷺ، قال في قتلى أحد: "لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كلم أو دم يفوح مسكًا يوم القيامة" ولم يصل عليهم. فبين الحكمة في ذلك.
وفي حديث ابن حبان والحاكم، في صحيحهما: أن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد وهو جنب، ولم يغسله، ﷺ، وقال: رأيت الملائكة تغسله. فلو كان واجبًا لم يسقط إلا بفعلنا، ولأنه طهر عن حدث فسقط بالشهادة كغسل الميت فيحرم.
وقال الحسن البصري وسعيد بن المسيب، فيما رواه ابن أبي شيبة: يغسل الشهيد.
٧٦ - باب مَنْ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ
وَسُمِّيَ اللَّحْدَ لأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ. ﴿مُلْتَحَدًا﴾: مَعْدِلاً. وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا.
(باب من يقدم) من الموتى (في اللحد) وهو بفتح اللام وضمها، يقال: لحدت الميت وألحدت له، وأصله: الميل لأحد الجانبين.
قال المؤلّف: (وسمي: اللحد لأنه) شق بعمل (في ناحية) من القبر مائلاً عن استوائه، بقدر ما يوضع فيه الميت في جهة القبلة (وكل جائر ملحد) لأنه مال وعدل ومارى وجادل.
وسقط: وكل جائر ملحد، لأبي ذر، وقال المؤلّف أيضًا في قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ [الكهف: ٢٧] أي: (معدلاً) قاله أبو عبيدة في كتاب: المجاز، أي: ملتجأ تعدل إليه إن هممت به.
(ولو كان) القبر أو الشق (مستقيمًا) غير مائل إلى ناحية (كان) وللحموي والمستملي: لكان (ضريحًا) بالضاد المعجمة، لأن الضريح شق في الأرض على الاستواء.