وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد) هو ابن سلام البيكندي قال: (أخبرنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس)﵄(أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته) يترضاها لتختاره (فقال النبي-ﷺ لعباس) عمه:
(يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثًا) لأن الغالب أن المحب لا يكون إلا حبيبًا. وعند سعيد بن منصور أن العباس كان كلم النبي ﷺ أن يطلب إليها في ذلك، وفي مسند الإمام أحمد أن مغيثًا توسل بالعباس في سؤال النبي ﷺ في ذلك، وظاهره أن قصة بريرة كانت متأخرة في السنة التاسعة أو العاشرة لأن العباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من غزوة الطائف وذلك أواخر سنة ثمان، ويدل له أيضًا قول ابن عباس أنه شاهد ذلك وهو إنما قدم المدينة مع أبويه وهذا يردّ قول من قال إنها كانت قبل الإفك، وجوّز الشيخ تقي الدين السبكي أن بريرة كانت تخدم عائشة قبل شرائها أو اشترتها وأخّرت عتقها إلى ما بعد الفتح أو دام حزن زوجها عليها مدة طويلة أو حصل لها الفسخ وطلب أن تردّه بعقد جديد (فقال النبي ﷺ) لها (لو راجعتيه) بمثناة تحتية بعد الفوقية في الفرع مصححًا عليها وقال الحافظ ابن حجر، وتبعه العيني بمثناة واحدة قال: ووقع في رواية ابن ماجة لو راجعتيه بإثبات تحتية ساكنة بعد المثناة وهي لغة ضعيفة، وتعقبه العيني فقال: إن صحّ هذا في الرواية فهي لغة فصيحة لأنها صادرة من أفصح الخلق انتهى. والذي في اليونينية بحذف التحتية مصححًا عليه.
(قالت): ولابن عساكر فقالت: (يا رسول الله، تأمرني) بذلك؟ (قال): لا (إنما أنا أشفع) فيه لا على سبيل الحتم فلا يجب عليك وسقط لابن عساكر لفظ أنا (قالت): ولأبي ذر فقالت (لا) ولأبي ذر وابن عساكر: فلا (حاجة لي فيه).
وفي هذا الحديث جواز الشفاعة من الحاكم عند الخصم في خصمه إذا ظهر حقه وإشارته عليه بالصلح أو الترك وحب المسلم للمسلمة وإن أفرط فيه ما لم يأت محرمًا وغير ذلك من فرائد الفوائد حتى قيل إنها تزيد على الأربعمائة.