وبه قال:(حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم الكوفي قال: (سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة) نفيع الثقفي (قال: كتب) أبي (أبو بكرة إلى ابنه) بالنون ولده عبيد الله بالتصغير (وكان) عبيد الله قاضيًا (بسجستان) بكسر المهملة والجيم على الصحيح غير منصرف للعلمية والعجمية وفيه الزيادة والتأنيث إحدى مدن العجم وهي خلف كرمان مسيرة مائة فرسخ منها أربعون مفازة ليس بها ماء وهي إلى ناحية الهند (بأن لا تقضي بين اثنين).
وفي عمدة الأحكام: كتب أبي وكتبت له إلى ابنه عبيد الله وهو موافق لرواية مسلم إلا أنه زاد لفظة ابنه، والضمير في ابنه عائد إلى أبي بكرة، وصرح في بعض الروايات فقال وكتبت له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة. والحاصل أن أبا بكرة له ابن يسمى عبيد الله وهو المكتوب إليه وابن آخر يسمى عبد الرحمن راوي الحديث الذي كتب إلى أخيه عبيد الله به، وهذا التركيب يحتمل أن يكون أبو بكرة كتب بنفسه إلى ابن عبيد الله، وكتب عبد الرحمن لأخيه عبيد الله بمثل ما كتب أبو بكرة، ولكن عبد الرحمن إنما كتب لأجل أبيهما أي لأجل أمره وطواعيته ونحو ذلك ففيه تنازع بين كتب وبين كتبت في المفعول وهو أن لا يحكم بين اثنين وفي الجار والمجرور وهو إلى ابنه، ويكون قد أعمل أحدهما وأضمر في الآخر ولكنه حذف لكونه فضلة، وتعقبه في الفتح بأنه لا يتعين ذلك بل الذي يظهر أن قوله كتب أبي أي أمر بالكتابة وقوله وكتبت أي باشرت الكتابة التي أمر بها والأصل عدم التعدد، وتعقبه العيني فقال: الأصل عدم التعدد والأصل عدم ارتكاب المجاز والعدول عن ظاهر الكلام لا لعلة وما المانع من التعدد اهـ.
أو يكون المراد كتب أبي إليّ أن أكتب لابنه، ولكن حذف المفعول وهو المجرور بإلى ثم قال: وكتبت له إلى ابنه بذلك أي لأجل أمره لي بأن أكتب وعلى هذا فلا تنازع في المجرور بل في المفعول الذي هو المصدر المنسبك من أن لا تحكم الخ وأعمل أحدهما وحذف الآخر لأنه غير عمدة على ما سبق، أو يكون المراد أن كلاًّ من أبي بكرة وعبد الرحمن كتب إلى عبيد الله وكتابة ثانيهما إليه تأكيد لكتابة الأوّل، وكتابة عبد الرحمن إنما كانت لأجل أبي بكرة على معنى أنه كتب ذلك عن أبيه لا من قبل نفسه أو يكون أبو بكرة أمر بالكتابة فنسب إليه أنه كتب تجوّزًا بالسبب