مع الموات محال اللقطة ولو التقط الممتنع من صغار السباع للتملك في مفازة آمنة ضمنه ولا يبرأ بردّه إلى مكانه فإن سلمه إلى الحاكم برئ كما في الغصب، وبالجملة فأخذ الجمهور بظاهر الحديث أن ضالة الإبل ونحوها لا تلتقط، وقال الحنفية: الأولى أن تلتقط.
وهذا الحديث سبق في كتاب العلم في باب الغضب في الموعظة.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (سليمان) التيمي مولاهم المدني ولأبوي ذر والوقت: سليمان بن بلال (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (عن يزيد مولى المنبعث) المدني (أنه سمع زيد بن خالد) الجهني (﵁ يقول: سئل النبي ﷺ عن اللقطة) ما حكمها؟ وفي الباب السابق أن السائل أعرابي وقيل هو بلال وقيل غيره، (فزعم) أي زيد بن خالد والزعم يستعمل في القول المحقق كثيرًا (أنه)ﷺ(قال):
(اعرف عفاصها) وعاءها الذي تكون فيه (ووكاءها) الخيط الذي يربط به الوعاء (ثم عرّفها سنة) أي متوالية فلو عرفها سنة متفرقة كأن عرفها في كل سنة شهرًا لم يكف، ولو فرق السنة كأن عرف شهرين وترك شهرين وهكذا جاز لأنه عرف سنة. ولا يشترط أن يعرفها بنفسه بل يجوز أن يوكل فإن قصد التملك ولو بعد التقاطه للحفظ أو مطلقًا فمؤنة التعريف الواقع بعد قصده عليه تملك أم لا؟ لأن التعريف سبب لتملكه ولأن الحظ له، وإن قصد الحفظ ولو بعد التقاطه للتملك أو مطلقًا فمؤنة التعريف على بيت المال إن كان فيه سعة وإلاّ فعلى المالك بأن يقترض عليه الحاكم منه أو من غيره أو يأمره بصرفها ليرجع كما في هرب الجمال: وإنما لم تجب على الملتقط لأن الحظ للمالك فقط.