(حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد النهدي الكوفي قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (ابن عيينة) سفيان قال: (أخبرنا عمرو) بفتح العين ابن دينار قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (جابر بن زيد) أبو الشعثاء (قال: أنبأنا) ولأبي ذر أخبرنا (ابن عباس ﵄) قال: (تزوّج النبي ﷺ وهو) أي والحال أنه (محرم) بعمرة القضية، وسبق في أواخر الحج من طريق الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس تزوّج ميمونة وهو محرم، وسبق أيضًا في عمرة القضاء من رواية عكرمة بلفظ حديث الأوزاعي. وزاد: وبنى بها وهو حلال وهذا قد عدّ من خصائصه ﷺ على أن أكثر الروايات أنه تزوجها وهو حلال، وعند مسلم عن يزيد بن الأصم قال: حدّثتني ميمونة أن رسول الله ﷺ تزوجها وهو حلال. قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس. وعند الترمذي وابن خزيمة وابن حبان عن أبي رافع في صحيحهما أنه ﷺ تزوج ميمونة وهو حلال وبني بها وهو حلال. وكنت أنا الرسول بينهما.
وقرأت في كتاب المعرفة للبيهقي بسنده إلى الشافعي قال: أخبرنا مالك عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن رسول الله ﷺ بعث أبا رافع مولاه ورجلًا من الأنصار فزوّجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل أن يخرج، وقد ردّ الشافعي بذلك رواية ابن عباس الأولى، واحتج على المخالف بحديث عثمان السابق الثابت، وبأن عثمان كان غير غائب عن نكاح ميمونة وبأن ابن أختها يزيد بن الأصم يقول: نكحها حلالًا ومعه سليمان بن يسار عتيقها أو ابن عتيقها وخبر اثنين أكثر من خبر واحد مع رواية عثمان التي هي أثبت من هذا كله. ولئن سلمنا أن الخبرين تكافآ، نظرنا فيما فعل أصحاب رسول الله ﷺ بعده، وقد رأينا عمر وزيد بن ثابت يردّان نكاح المحرم ويقول ابن عمران: المحرم لا يَنكَح ولا يُنكَح ولا أعلم من أصحاب رسول الله ﷺ مخالفًا لذلك، وقد روينا عن الحسن أن عليًّا قال: من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته ولم نجز نكاحه انتهى. ملخصًا من كتاب المعرفة.
وهذا الحديث سبق في كتاب الحج في باب تزويج المحرم، والظاهر من صنيع البخاري الجواز كالحنفية.
(باب نهي رسول الله ﷺ) ولأبي ذر النبي (ﷺ) نهي تحريم (عن نكاح المتعة آخرًا) ولأبي ذر أخيرًا وهو المؤقت بمدة معلومة كسنة أو مجهولة كقدوم زيد وسمي بذلك لأن الغرض منه مجرد التمتع دون التوالد وسائر أغراض النكاح، وقد كان جائزًا في صدر الإسلام للمضطر كأكل الميتة ثم حرم كما أفهمه قول المصنف، ويأتي إن شاء الله تعالى ما ورد فيه.