وبه قال:(حدّثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة وتخفيف المثناة التحتية، وسقط لابن عساكر لفظ ابن أبي إياس (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدثنا محمد بن زياد) بكسر الزاي وتخفيف المثناة التحتية القرشي الجمحي المدني التابعي الجليل (قال):
(سمعت أبا هريرة)﵁(وكان يمرّ بنا) جملة حالية من مفعول سمعت، وهو قول أبي هريرة ويمر بنا جملة في محل نصب خبر كان (والناس) مبتدأ خبره (يتوضؤون) والجملة حال من فاعل كان (من المطهرة) بكسر الميم الإناء المعدّ للتطهير وفتحها أجود، وصح في الحديث السواك مطهرة للفم (قال) أي سمعت أبا هريرة حال كونه قائلاً، وفي رواية الأربعة فقال بالفاء التفسيرية لأنه يفسر قال المحذوفة بعد قوله أبا هريرة، لأن التقدير سمعت أبا هريرة قال: وكان يمر بنا الخ فإن الذات لا تسمع فالمراد قول أبي هريرة: (أسبغوا الوضوء) بفتح الهمزة من الإسباغ وهو إبلاغه مواضعه وإيفاء كل عضو حقه (فإن أبا القاسم ﷺ قال: ويل للأعقاب من النار). والأعقاب جمع عقب بكسر القاف وهو العظم المرتفع عند مفصل الساق والقدم ويجب إدخاله في غسل الرجلين لقوله تعالى: ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] قال المفسرون أي مع الكعبين، وأل في الأعقاب للعهد، ويلحق بها ما يشاركها في ذلك.
وفي حديث عبد الله بن الحرث عند الحاكم: ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار، والمعنى كما قاله البغوي ويل لأصحابها المقصرين في غسلها ففيه حذف المضاف، أو المعنى أن العقب يختص بالعقاب إذا قصر في غسله لأن مواضع الوضوء لا تمسّها النار كما في مواضع السجود، ولو لم يكن واجبًا لما توعد عليه بالنار أعاذنا الله منها ومن سائر المكاره بمنّه وكرمه. وهذا الحديث من رباعياته ﵁، ورواته ما بين بصري وخراساني ومدني وفيه التحديث والسماع.
هذا (باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين) لأنه لا يجزئ، وحديث مسحهما المروي في سنن أبي داود ضعفه ابن مهدي وغيره، وأما تمسك من أجازه بظاهر قوله تعالى: ﴿بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُم﴾ فأجيب: بأنه قرئ وأرجلكم بالنصب عطفًا على أيديكم أو على محل برؤوسكم، فقراءة الجر محمولة على مسح الخفين، وقراءة النصب على غسل الرجلين، وهو معنى قول الإمام الشافعي أراد بالنصب آخرين وبالجر آخرين: أو هو معطوف على برؤوسكم لفظًا ومعنىً ثم نسخ ذلك بوجوب الغسل وهو حكم آخر.