بالدليل الخاص ثم انتزعه من الأدلة العامة التي تناولت أحوال متناول السواك وأحوال عود السواك من رطوبة ويبوسة ثم انتزع ذلك من أعم من ذلك وهو المضمضة إذ هي أبلغ من السواك من رطوبة ويبوسة ثم انتزع ذلك من أعم من ذلك وهو المضمضة إذ هي أبلغ من السواك الرطب، وأصل هذا الانتزاع لابن سيرين حيث قال محتجًا على السواك الأخضر والماء له طعم اهـ.
وقد كره مالك الاستياك بالرطب للصائم لما يتحلل منه والشافعي وأحمد بعد الزوال. قال ابن دقيق العيد: ويحتاج إلى دليل خاص بهذا الوقت يخص به عموم حديث الصحيحين عند كل صلاة ورواية النسائي وغيره عند كل وضوء وهو حديث الخلوف وعبارة الشافعي أحب السواك عند كل وضوء بالليل والنهار إلا أني أكرهه للصائم آخر النهار من أجل الحديث في خلوف فم الصائم اهـ.
وليس في هذه العبارة تقييد ذلك بالزوال فلذا قال الماوردي: لم يحد الشافعي الكراهية بالزوال وإنما ذكر العشي فحده الأصحاب بالزوال اهـ.
واسم العشي صادق بدخول أوّل النصف الأخير من النهار وقيل لا يؤقت بحد معين بل يترك متى عرف أن تغير فمه ناشئ عن الصيام وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس وباختلاف بعد عهده عن الطعام وقرب عهده به لكونه لم يستحر أو تسحر، وفرق بعض أصحابنا بين الفرض والنفل فكرهه في الفرض بعد الزوال ولم يكرهه في النفل لأنه أبعد من الرياء، وقد أخذ مالك وأبو حنيفة بعموم الحديث استحبابه للصائم قبل الزوال وبعده، وقال النووي في شرح المهذّب: أنه المختار، وقال بعضهم: السواك مطهرة للفم فلا يكره كالمضمضة للصائم لا سيما وهي رائحة تتأذى بها الملائكة فلا تترك هنالك، وأما الخبر ففائدته عظيمة بديعة وهي أن النبي ﷺ إنما مدح الخلوف نهيًا للناس عن تقذر مكالمة الصائمين بسبب الخلوف لا نهيًا للصوَّام عن السواك والله غني عن وصول الرائحة الطيبة إليه فعلمناه يقينًا أنه لم يرد بالنهي استبقاء الرائحة وإنما يراد نهي الناس عن كراهتها قال وهذا التأويل أولى لأن فيه إكرامًا للصائم ولا تعرض فيه للسواك فيذكر أو يتأوّل.