للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في الرقاق بعون الله تعالى وقوته.

١٥ - باب قَوْلِهِ: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٨]

(باب قوله) ﷿: (﴿وإن تعذبهم فإنهم عبادك﴾) أي إن عذبتهم فلا تعذب إلا عبادك ولا اعتراض على المالك فيما يتصرف فيه من ملكه وهم يستحقون ذلك حيث عبدوا غيرك (﴿وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾) [المائدة: ١١٨]. إن قيل: كيف جاز أن يقول وأن تغفر لهم فتعرّض بسؤاله العفو عنهم مع علمه أنه تعالى قد حكم بأنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة؟ أجيب: بأن هذا ليس بسؤال وإنما هو كلام على طريق إظهار قدرته تعالى على ما يريد وعلى مقتضى حكمه وحكمته، ولذا قال: فإنك أنت العزيز الحكيم تنبيهًا على أنه لا امتناع لأحد من عزته ولا اعتراض في حكمه وحكمته فإن عذبت فعدل وإن غفرت ففضل. قال:

أذنبت ذنبًا عظيمًا … وأنت للعفو أهل

فإن عفوت ففضل … وإن جزيت فعدل

وعدم غفران الشرك مقتضى الوعيد فلا امتناع فيه لذاته وسط قوله: ﴿وإن تغفر لهم﴾ الخ لأبي ذر وقال بعد قوله: ﴿فإنهم عبادك﴾ الآية.

٤٦٢٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ، وَإِنَّ نَاسًا يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) العبدي البصري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (سفيان) الثوري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (المغيرة بن النعمان) النخعي (قال: حدّثني) بالإفراد (سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (عن النبي ) أنه (قال):

(إنكم محشورون) أي يوم القيامة وزاد في الرواية السابقة إلى الله (وإن ناسًا) ولأبي ذر عن الكشميهني وأن رجالًا (يؤخذ بهم ذات الشمال) جهة النار (فأقول كما قال العبد الصالح) عيسى ابن مريم : (﴿وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم﴾ -إلى قوله- ﴿العزيز الحكيم﴾).

فإن قلت: ما وجه مناسبة العزيز الحكيم بعد التعذيب والمغفرة وبالنظر إلى القسم الآخر الغفور أنسب ظاهرًا؟ أجيب: بأن مجموع الوصفين لمجموع الحكمين كأنه قال: إن تعذبهم فإنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>