للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرط وجوابه اختلافهما فيكون الجزاء غير الشرط نحو من أطاع أثيب ومن عصى عوقب ووقع هنا جملة الشرط هي جملة الجزاء بعينها فهي بمثابة قولك من أكل أكل ومن شرب شرب وذلك غير مفيد لأنه من تحصيل الحاصل. وأجيب: بأنه وإن اتحدا في اللفظ لم يتحدا في المعنى، والتقدير فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله قصدًا فهجرته إلى الله ورسوله ثوابًا وأجرًا قال ابن مالك من ذلك قوله في حديث حذيفة ولو مت مت على غير الفطرة وجاز ذلك لتوقف الفائدة على الفضلة ومنه قوله تعالى ﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم﴾ [الإسراء: ٧] فلولا قوله في الأوّل على غير الفطرة وفي الثاني لأنفسكم ما صح ولم يكن في الكلام فائدة.

(ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) فهجرته جواب الشرط ولم يقل فهجرته إلى دنيا كما قال في الشرط والجزاء الأوّل إشارة إلى تحقير الدنيا. قال في الفتح: ومناسبة ذكر الحديث هنا أن اليمين من جملة الأعمال فيستدل به على تخصيص الألفاظ بالنية زمانًا ومكانًا وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي ذلك فمن حلف أن لا يدخل دار زيد في شهر أو سنة مثلاً أو حلف أن لا يكلم زيدًا مثلاً، وأراد في منزله دون غيره فلا يحنث إذا دخل بعد شهر أو سنة في الأولى ولا إذا كلمه في دار أخرى في الثانية ولو أحلفه الحاكم على حق ادّعى عليه به انعقدت يمينه على ما نواه الحاكم ولا تنفعه التورية اتفاقًا فإن حلف بغير استحلاف حاكم نفعته التورية لكنه إن أبطل بها حق غيره أثم وإن لم يحنث ولو حلف بالطلاق نفعته التورية وإن حلفه الحاكم لأن الحاكم ليس له أن يحلفه بذلك قاله النووي والحديث سبق في مواضع.

ولما فرغ من ذكر الإيمان شرع يذكر أبواب النذور فقال:

٢٤ - باب إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا أهدى) شخص (ماله) أي تصدق به (على وجه النذر والتوبة) بالمثناة الفوقية والموحدة المفتوحتين بينهما واو ساكنة وللكشميهني والقربة بالقاف المضمومة والراء الساكنة بدل الفوقية والواو والجواب محذوف تقديره هل ينفذ ذلك إذا أنجزه أو علقه والنذر بالذال المعجمة هو لغة الوعد بشرط أو التزام ما ليس بلازم أو الوعد بخير أو شر وشرعًا التزام قربة لم تتعين وأركانه صيغة ومنذور وناذر وشرطه في الناذر إسلام واختيار ونفوذ تصرف فيما ينذره فيصح من السكران لا من الكافر لعدم أهليته للقربة ولا من مكره ولا ممن لا ينفذ تصرفه. وفي الصيغة لفظ يشعر بالالتزام كلّله عليّ كذا أو عليّ كذا كعتق وصوم وصلاة فلا يصح إلا بالنية كسائر العقود، وفي النذور كونه قربة لم تتعين نفلاً كانت أو فرض كفاية لم يتعين كعتق وعبادة فلو نذر غير القربة من واجب عيني كصلاة الظهر مثلاً أو معصية كشرب خمر أو مكروه صوم الدهر لمن خاف به الضرر أو فوت حق أو مباح كقيام وقعود سواء نذر فعله أو تركه لم يصح نذره ولم يلزمه بمخالفته كفارة والنذر ضربان نذر لجاج وهو التمادي في الخصومة ويسمى نذر اللجاج

<<  <  ج: ص:  >  >>