للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ".

(ثم قام في الناس) خطيبًا (قال):

(يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو)، لأن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر ويؤيده قوله (وسلوا الله العافية) أي من هذه المحذورات المتضمنة للقاء العدوّ ثم أمرنا بالصبر عند وقوع الحقيقة فقال (فإذا لقيتموهم فاصبروا) فإن النصر مع الصبر (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) أي السبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيف في سبيل الله وهو من المجاز البليغ لأن ظل الشيء لما كان ملازمًا له، وكان ثواب الجهاد الجنة كان ظلال السيوف المشهورة في الجهاد تحتها الجنة أي ملازمها استحقاق ذلك، ومثله: الجنة تحت أقدام الأمهات أو هو كناية عن الحض على مقاربة العدوّ واستعمال السيوف والاجتماع حين الزحف حتى تصير السيوف تظل المقاتلين. قال ابن الجوزي: إذا تدانى الخصمان صار كلٌّ منهما تحت ظل سيف صاحبه لحرصه على رفعه عليه ولا يكون ذلك إلا عند التحام القتال.

(ثم قال) (اللهم) يا (منزل الكتاب) القرآن الموعود فيه بالنصر على الكفار قال تعالى: ﴿قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم﴾ [التوبة: ١٤]. والمراد الجنس فيشمل سائر الكتب المنزلة على الأنبياء فيكون المراد شدة الطلب للنصر كنصره هذا الكتاب بخذلان من يكفر به ويجحد (و) يا (مجري السحاب) بقدرته إشارة إلى سرعة إجراء ما يقدره فإنه قدر جريان السحاب على أسرع حال وكأنه يسأل بذلك سرعة النصر والظفر (و) يا (هازم الأحزاب) وحده لا غيره (اهزمهم وانصرنا عليهم) فأنت المنفرد بالفعل من غير حول منّا ولا قوّة أو أن المراد التوسّل إليه بنعمه وأشار بالأولى إلى نعمة الدين بإنزال الكتاب وبالثانية إلى نعمة الدنيا وحياة النفوس بإجراء السحاب الذي جعله سببًا في نزول الغيث والأرزاق وبالثالثة إلى أنه حصل حفظ النعمتين فكأنه قال: اللهم كما أنعمت بعظيم نعمتك الأخروية والدنيوية وحفظهما فأبقهما، وقد وقع هذا السجع اتفاقًا من غير قصد.

وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في باب: لا تمنوا لقاء العدو.

١١٣ - باب اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الإِمَامَ لِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ﴾ [النور: ٦٢] إِلَى آخِرِ الآيَةِ

(باب استئذان الرجل) من الرعية (الإمام) في الرجوع أو التخلف عن الرجوع في الغزو

<<  <  ج: ص:  >  >>