(فهلاّ جلس في بيت أبيه أو) قال (بيت أمه فنظر يهدى) بحذف همزة الاستفهام ولأبي ذر:
أيهدى (له) وللحموي والمستملي إليه (أم لا) بنصب الفعل المضارع المقترن بالفاء في جواب التحضيض المتقدم وهو: هلاّ جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، والظاهر أن النظر هنا بصري والجملة الواقعة بعده مقترنة بالاستفهام في محل نصب وهو معلق عن العمل. وقد صرّح الزمخشري بتعليق النظر البصري لأنه من طريق العلم، وتوقف فيه ابن هشام في مغنيه مرة، وقال به أخرى حكاه في المصابيح، وهذا موضع الترجمة لأنه ﵊ عاب على ابن الأتبية قبوله الهدية التي أهديت له لكونه كان عاملاً وفيه أنه يحرم على العمال قبول هدايا رعاياهم على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.
(والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منه) أي من مال الصدقة (شيئًا إلا جاء به يوم القيامة) حال كونه (يحمله على رقبته إن كان) المأخوذ (بعيرًا) أي يحمله على رقبته بحذف جواب الشرط لدلالة المذكور عليه (له رغاء) بضم الراء وبالغين المعجمة ممدودًا صفة للبعير يقال رغا البعير إذا صوّت (أو) كان المأخوذ (بقرة) يحملها على رقبته (لها خوار) بضم الخاء المعجمة صفة للبقرة وهو صوتها (أو) كان المأخوذ (شاة) يحملها على رقبته (تيعر) بفتح المثناة الفوقية وسكون التحتية وفتح العين المهملة آخره راء صفة لشاة أي تصوّت، (ثم رفع)﵊(بيده) وفي نسخة يده (حتى رأينا عفرة إبطيه) بضم العين المهملة وسكون الفاء وفتح الراء آخره تأنيث أي بياضهما المشوب بالسمرة، ولأبي ذر: عفر بإسقاط هاء التأنيث (اللهم هل بلغت هل بلغت ثلاثًا) أي قد بلغت أو استفهام تقريري والتقرير للتأكيد ليسمع من لا سمع وليبلغ الشاهد الغائب، وفيه أن هدايا العمال تجعل في بيت المال وأن العامل لا يملكها إلا أن يطيبها له الإمام كما في قصة معاذ أنه ﵊ طيّب له الهدية فأنفذها له أبو بكر ﵁ بعد رسول الله ﷺ.
وقد سبق حديث الباب في الزكاة، وأخرجه أيضًا في الأحكام والنذور وترك الحيل ومسلم في المغازي وأبو داود في الخراج.
هذا (باب) بالتنوين (إذا وهب) الرجل (هبة) لاخر (أو وعد) آخر وزاد الكشميهني عدة (ثم مات) الذي وهب أو الذي وعد أو الذي وهب له أو الذي وعد له (قبل أن تصل) الهبة أو الذي وعده به (إليه) إلى الموهوب له أو الموعود لم ينفسخ عقد الهبة لأنه يؤول إلى اللزوم كالبيع بخلاف نحو الشركة والوكالة ومثل الموت الجنون والإغماء، لكن لا يقبضان إلا بعد الإفاقة قاله البغوي.