وكانوا ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعهم ثلاثون فرسًا لما ذكر من أن جمعًا من قضاعة تجمعوا وأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة وأمره أن يستعين بمن يمرّ به من بليّ وعذرة وبلقين فسار الليل وكمن النهار، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جميعًا كثيرًا فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله ﷺ يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين وعقد له لواء وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار، وفيهم أبو بكر وعمر وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعًا ولا يختلفا فلحق بعمرو فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فقال عمرو: إنما قدمت عليّ مددًا وأنا الأمير فأطاع له بذلك أبو عبيدة فكان عمرو يصلّي بالناس وسار حتى وطئ بلاد بليّ ودوّخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم وبلاد عذرة وبلقين، ولقي في آخر ذلك جمعًا فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا كذا ذكره ابن سعد.
وعند الحاكم من حديث بريدة أن عمرو بن العاص أمرهم في تلك الغزوة أن لا يوقدوا نارًا فأنكر ذلك عمر فقال أبو بكر ﵄: دعه فإن رسول الله ﷺ لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب فسكت عنه.
وعند ابن حبان أنه منعهم أن يوقدوا نارًا وأنهم لما هزموا العدوّ أرادوا أن يتبعوهم فمنعهم، فلما انصرفوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ فسأله فقال: كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارًا فيرى العدوّ قلتهم وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فحمد أمره.
(قال) عمرو: (فأتيته) لما قدمنا من جيش ذات السلاسل فقعدت بين يديه (فقلت): يا رسول الله (أي الناس أحب إليك؟ قال):
(عائشة قلت: من الرجال؟ قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر) بن الخطاب قال عمرو بن العاص (فعدّ رجالاً فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم) أي في الفضل. وعند البيهقي قال عمرو: فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على قوم فيهم أبو بكر وعمر إلا لمنزلة لي عنده فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ الحديث.
٦٤ - باب ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ
(ذهاب جرير) أي ابن عبد الله البجلي (إلى) أهل (اليمن) ليقاتلهم ويدعوهم إلى أن يقولوا لا إله إلا الله والظاهر كما في الفتح أن هذا البعث غير بعثه إلى هدم ذي الخلصة.