الأرض (فمن وجد منكم بماله شيئًا فليبعه) ضمن وجد معنى بخل فعداه بالباء أو وجد من الوجدان والباء سببية أي فمن وجد منكم بماله شيئًا من المحبة أو هي للمقابلة.
قال الخطابي: استدلّ به البخاري على جواز بيع المكره وهو ببيع المضطر أشبه، وإنما المكره على البيع هو الذي يحمل على البيع أراد أو لم يرد واليهود لو لم يبيعوا أرضهم لم يلزموا بذلك وإنما شحوا على أموالهم فاختاروا بيعها فصاروا كأنهم اضطروا إلى بيعها كمن رهقه دين فاضطر إلى بيع ماله فيكون جائزًا ولو أكره عليه لم يجز اهـ.
قال في الفتح: إن البخاري لم يقتصر في الترجمة على المكره وإنما قال بيع المكره ونحوه في الحق فدخل في ترجمته المضطر، وكأنه أشار إلى الردّ على من لم يصحح بيع المضطر، وقوله ولو أكره عليه لم يجز مردود لأنه إكراه بحق (وإلا) بأن لم تجدوا شيئًا (فاعلموا أن الأرض) وللكشميهني أنما الأرض (لله ورسوله).
والحديث سبق في الجزية وأخرجه مسلم في المغازي وأبو داود في الخراج والنسائي في السير.
وهذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (لا يجوز نكاح المكره) بفتح الراء وقوله تعالى: (﴿ولا تكرهوا فتياتكم﴾) إماءكم (﴿على البغاء﴾) على الزنا (﴿إن أردن تحصنًا﴾) تعففًا عن الزنا وإنما قيده بهذا الشرط لأن الإكراه لا يكون إلا مع إرادة التحصن فآمر المطيعة بالبغاء لا يسمى مكرهًا ولا أمره إكراهًا ولأنها نزلت على سبب فوقع النهي عن تلك الصفة وفيه توبيخ للموالي أي إذا رغبن في التحصن فأنتم أحق بذلك (﴿لتبتغوا عرض الحياة الدنيا﴾) أي لتبتغوا بإكراههن على الزنا أجورهن وأموالهن (﴿ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم﴾)[النور: ٣٣] لهن وإثمهن على من أكرههن، وفي مسند البزار عن الزهري قال: كانت جارية لعبد الله بن أبي يقال لها معاذة يكرهها على الزنا فلما جاء الإسلام نزلت ﴿ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء﴾ إلى قوله: ﴿فإن الله من بعد إكراههنّ غفور رحيم﴾ وعند النسائي عن جابر أنه كان يقال لها مسيكة وكان يكرهها على الفجور وكانت لا بأس بها فتأبى فأنزل الله هذه الآية ﴿ولا تكرهوا﴾ الآية إلى آخرها. وسقط لأبي ذر من قوله إن أردن إلى آخر الآية وقال بعد ﴿البغاء﴾ إلى قوله: ﴿غفور رحيم﴾ واستشكل ذكر هذه الآية هنا. وأجيب: بأنه إذا نهي عن الإكراه فيما لا يحل فالنهي عن الإكراه فيما يحل بالطريق الأولى.