بالتقديم والتأخير (وشتمني) من الشتم وهو توصيف الشخص بما فيه إزراء ونقص تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا (ولم يكن له ذلك) التكذيب والشتم (فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان) ووقع في رواية الأعرج في سورة الإخلاص وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته (وأما شتمه إياي فقوله لي ولد) وإنما كان شتمًا لما فيه من التنقيص لأن الولد إنما يكون عن والدة تحمله ثم تضعه ويستلزم ذلك سبق النكاح والنكاح يستدعي باعثًا له على ذلك والله تعالى منزه عن ذلك (فسبحاني) أي تنزهت (أن أتخذ صاحبة أو ولدًا) أن مصدرية أي من اتخاذي الزوجة والولد لما كان البارئ ﷾ واجب الوجود لذاته قديمًا موجودًا قبل وجود الأشياء، وكان كل مولود محدثًا انتفت عنه الوالدية، ولما كان لا يشبهه أحد من خلقه ولا يجانسه. حتى يكون له من جنسه صاحبة فيتوالد انتفت عنه الوالدية ومن هذا قوله تعالى: ﴿أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة﴾ [الأنعام: ١٠١].
٩ - باب ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾
[البقرة: ١٢٥] مَثَابَةً يَثُوبُونَ: يَرْجِعُونَ
هذا (باب) بالتنوين (﴿واتخذوا﴾) وسقط لغير أبي ذر باب وقال بدله قوله واتخذوا (﴿من مقام إبراهيم مصلّى﴾). [البقرة: ١٢٥] بكسر خاء اتخذوا بلفظ الأمر فقيل عطف على اذكروا إذا قيل إن الخطاب هنا لبني إسرائيل أي: اذكروا نعمتي واتخذوا من مقام إبراهيم، وقرأ نافع وابن عامر: واتخذوا ماضيًا بلفظ الخبر قبل عطفًا على جعلنا أي: واتخذ الناس مقامه الموسوم به يعني الكعبة قبلة يصلون إليها (﴿مثابة﴾)[البقرة: ١٢٥] قال أبو عبيدة في تفسيره: (يثوبون. يرجعون) وعن ابن عباس مما رواه الطبري قال: يأتونه ثم يرجعون إلى أهليهم ثم يعودون إليه لا يقضون منه وطرًا.