قول أبي إسحاق والواو للحال (أما رسول الله ﷺ لم يول يومئذٍ) لفرط شجاعته وثقته بوعد الله ورغبته في الشهادة ولقاء ربه، ولا يجوز على نبي الانهزام ومن نسب أحدًا منهم لذلك قتل، وحذف الفاء من جواب أما في قوله: لم يول قال ابن مالك هو جائز نظمًا ونثرًا يعني فلا يختص بالضرورة. (وكان أبو سفيان بن الحرث) بن عبد المطلب (آخذًا بعنان بغلته) البيضاء يكفها عن الإسراع به إلى العدوّ (فلما غشيه المشركون) أي أحاطوا به ﷺ(نزل) عن بغلته (فجعل يقول):
(أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) بسكون الموحدة فيهما وفيه التنويه بشجاعته ﷺ وثباته في الحرب وانتسب لجدّه لشهرته في العرب أو لغير ذلك مما سبق. (قال) أي البراء (فما رئي) بضم الراء وكسر الهمزة وفتح الياء (من الناس يومئذٍ أشد منه)ﷺ.
وقد سبق هذا الحديث في الجهاد في باب من قاد دابة غيره في الحرب.
١٦٨ - باب إِذَا نَزَلَ الْعَدُوُّ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ
هذا (باب) بالتنوين (إذا نزل العدوّ) من المشركين (على حكم رجل) من المسلمين ينفذ إذا أجازه الإمام.
وبه قال:(حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف القرشي المدني (عن أبي أمامة) بضم الهمزة وفتح الميمين بينهما ألف سعد (هو ابن سهل بن حنيف) بضم الحاء المهملة وفتح النون مصغرًا الأنصاري (عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان (الخدري) الأنصاري (﵁) أنه (قال: لما نزلت بنو قريظة) القبيلة المشهورة من اليهود من قلعتهم (على حكم سعد) هو ابن معاذ، وكان ﵊ فيما ذكره ابن إسحاق قد حاصرهم خمسًا وعشرين ليلة وقذف الله في قلوبهم الرعب فأذعنوا أن ينزلوا على حكم رسول الله ﷺ، فحكم فيهم سعد بن معاذ وكان قد رمي في غزوة الخندق بسهم قطع منه الأكحل فلما نزلت على حكمه (بعث رسول الله ﷺ) أي في طلبه (وكان) سعد (قريبًا منه) لأنه ﵊ قد جعله في خيمة رفيدة الأسلمية ليعوده من قريب في مرضه الذي أصابه