للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخطاب (رضي الله تعالى عنه يومًا لأصحاب النبي : فيم) أي في أي شيء (ترون) بفتح الفوقية أي تعلمون ولأبي ذر ترون بضمها أي تظنون (هذه الآية نزلت ﴿أيودّ أحدكم أن تكون له جنة﴾ قالوا: الله أعلم، فغضب عمر).

فإن قلت: ما وجه غضبه مع كونهم وكلوا العلم إلى الله تعالى؟ أجيب: بأنه سألهم عن تعيين ما عندهم في نزول الآية ظنًّا أو علمًا على اختلاف الروايتين فأجابوا بجواب يصلح صدوره من العالم بالشيء والجاهل به فلم يحصل المقصود.

(فقال) عمر: (قولوا نعلم أو لا نعلم) لنعرف ما عندكم (فقال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (في نفسي منها شيء) من العلم (يا أمير المؤمنين. قال) وفي غير الفرع كأصله فقال (عمر) له: (يا ابن أخي قل ولا تحقّر نفسك) بفتح الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر القاف (قال ابن عباس: ضربت مثلًا لعمل. قال عمر: أيّ عمل) برفع أيّ وجرها (قال ابن عباس: لعمل) وفي الفرع فقط ضربت لعمل (قال عمر: لرجل غني) ضد فقير (يعمل بطاعة الله ﷿، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق) بفتح الهمزة وسكون الغين المعجمة أي أضاع (أعماله) الصالحة بما ارتكب من المعاصي واحتاج إلى شيء من الطاعات في أهمّ أحواله فلم يحصل له منه شيء وخانه أحوج ما كان إليه، ولذا قال: ﴿وأصابه الكبر﴾ أي كبر السن فإن الفاقة في الشيخوخة أصعب ﴿وله ذرية ضعفاء﴾ صغار لا قدرة لهم على الكسب، ﴿فأصابها إعصار﴾ وهو الريح الشديد ﴿فيه نار فاحترقت﴾ ثماره وأبادت أشجاره.

وأخرج ابن المنذر الحديث من وجه آخر عن ابن أبي مليكة فقال بعد قوله أي عمل؟ قال ابن عباس: شيء ألقي في روعي، فقال: صدقت يا ابن عباس يا ابن أخي عني بها العمل ابن آدم أفقر ما يكون إلى جنته إذا كبر سنه وكثر عياله وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم يبعث الحديث. وضرب المثل بما ذكر لكشف المعنى الممثل له ورفع الحجاب عنه وأبرزه في صورة المشاهد المحسوس ليساعد فيه الوهم العقل ويصالحه عليه، فإن المعنى الصرف وإنما يدركه العقل مع منازعة من الوهم لأن من طبعه ميل الحس وحب المحاكاة، ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية وفشت في عبارات البلغاء وإشارات الحكماء قاله البيضاوي (﴿فصرهن﴾) بضم الصاد (قطعهن) كذا في الفرع كأصله وسقط ذلك لأبي ذر.

٤٨ - باب ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]

يُقَالُ: أَلْحَفَ عَلَيَّ، وَأَلَحَّ عَلَيَّ وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ. فَيُحْفِكُمْ: يُجْهِدْكُمْ

(﴿لا يسألون﴾) ولأبي ذر باب بالتنوين لا يسألون (﴿الناس إلحافًا﴾) [البقرة: ٢٧٣] نصب على المصدر بفعل مقدر أي يلحفون إلحافًا والجملة المقدرة حال من فاعل يسألون أو مفعولًا من أجله أي لا يسألون لأجل الإلحاف أو مصدرًا في موضع الحال أي لا يسألون ملحفين (يقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>