رواية أيوب زيادة من حافظ فتقبل قاله في الفتح والجمهور على شفعها إلاّ مالكًا ولا حجة له في الحديث الثاني من حديثي الباب السابق لما في سابقه واحتجاجه بعمل أهل المدينة معارض بعمل أهل مكة وهي تجمع الكثير في المواسم وغيرها ومعهم الحديث الصحيح.
(باب فضل التأذين) وبالسند قال (حدّثنا عبيد الله بن يوسف) التنيسي قال (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) بكسر الزاي وبالنون الخفيفة عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة)﵁(أن رسول الله) ولأبي ذر أن النبي (ﷺ)(قال: إذا نودي للصلاة) أي لأجلها (أدبر الشيطان) أي جنس الشيطان أو المعهود هاربًا إلى الروحاء من سماع الأذان حال كونه (وله) ولأبي ذر والأصيلي له (ضراط) يشغل له نفسه (حتى) أي كي (لا يسمع التأذين) لعظم أمره لما اشتمل عليه من قواعد الدين وإظهار شرائع الإسلام أو حتى لا يشهد للمؤذن بما يسمعه إذا استشهد يوم القيامة لأنه داخل في الجن والإنس المذكورين في حديث: لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلاّ شهد له يوم القيامة، ودفع بأنه ليس أهلاً للشهادة لأنه كافر، والمراد في الحديث مؤمنو الجن وإنما يجيء عند الصلاة مع ما فيها من القرآن لأن غالبها سرّ ومناجاة فله تطرق إلى إفسادها على فاعلها وإفساد خشوعه بخلاف الأذان فإنه يرى اتفاق كل المؤذنين على الإعلان به ونزول الرحمة العامة عليهم مع يأسه عن أن يردّهم عمّا أعلنوا به ويوقن بالخيبة بما تفضل الله به عليهم من ثواب ذلك ويذكر معصية الله ومضادّته أمره فلا يملك الحدث لما حصل له من الخوف وقيل لأنه دعاء إلى الصلاة التي فيها السجود الذي امتنع من فعله لما أمر به ففيه تصميمه على مخالفة أمر الله واستمراره على معصية الله فإذا دعا داعي الله فرّ منه وللأصيلي وله ضراط بالواو على الأصل في الجملة الاسمية الحالية أن تكون بالواو وقد تقع بغيرها كما في ﴿اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ﴾ (فإذا قضى) المنادي (النداء) أي فرغ المؤذن من الأذان وللأصيلي وابن عساكر قضي بضم القاف مبنيًّا للمفعول النداء بالرفع لقيامه مقام الفاعل (أقبل) أي الشيطان زاد مسلم في رواية صالح عن أبي هريرة فوسوس (حتى إذا ثوّب للصلاة أدبر) الشيطان بضم المثلثة وكسر الواو المشدّدة من ثوّب أي أعيد الدعاء إليها والمراد الإقامة لا قوله في الصبح الصلاة خير من النوم لأنه خاص به ولمسلم فإذا سمع الإقامة ذهب (حتى إذا قضى) المثوّب (التثويب) وللأصيلي وابن عساكر حتى إذا قضي بضم