وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا شيبان) بالشين المعجمة المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فموحدة مفتوحة ابن عبد الرحمن النحوي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن عائشة وابن عباس ﵃ أن النبي ﷺ لبث) بالموحدة المكسورة والمثلثة أي مكث (بمكة عشر سنين) بعد أن فتر الوحي ثلاث سنين كما قاله الشعبي (ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرًا).
وبهذا يزول الإشكال، فإن ظاهره يقتضي أنه ﵊ عاش ستين سنة وهو يغاير المروي عن عائشة أنه عاش ثلاثًا وستين، فإذا فرض ما بعد فترة الوحي ومجيء الملك بيا أيها المدثر وضح وزال الإشكال، وهو مبنيّ على ما وقع في تاريخ الإمام أحمد عن الشعبي أن مدة فترة الوحي كانت ثلاث سنين، وبه جزم ابن إسحاق. وقال السهيلي: جاء في بعض الروايات المسندة أن مدة الفترة سنتان ونصف، وفي رواية أخرى أن مدة الرؤيا ستة أشهر، فمن قال: مكث عشر سنين حذف مدة الرؤيا والفترة ومن قال: ثلاث عشرة سنة أضافها اهـ.
وهذا معارض بما روي عن ابن عباس أن مدة الفترة المذكورة كانت أيامًا، وحينئذٍ فلا يحتج بمرسل الشعبي لا سيما ما عارضه. قال في الفتح: وقد راجعت المنقول عن الشعبي في تاريخ الإمام أحمد ولفظه من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي: أنزلت عليه النبوّة وهو ابن أربعين سنة فقرن بنبوّته إسرافيل ثلاث سنين فكان يعلمه الكلمة والشيء ولم ينزل عليه القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوّته جبريل فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة، وأخرجه ابن أبي خيثمة من وجه آخر مختصرًا عن داود بلفظ: بعث لأربعين، ووكل به إسرافيل ثلاث سنين، ثم وكل به جبريل فعلى هذا يحسن بهذا المرسل إن ثبت الجمع بين القولين في قدر إقامته بمكة بعد البعثة فقد قيل ثلاث عشرة، وقيل عشرة ولا يتعلق ذلك بقدر مدة الفترة، وأما ما رواه عمر بن شيبة أنه ﷺ عاش إحدى أو اثنتين وستين ولم يبلغ ثلاثًا وستين فشاذ.