للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو مع الترجمة يشير إلى أن الدعاء السابق في الباب الذي قبله لا يجب، وإن كان ورد بصيغة الأمر. ثم إن المنفي في قوله في الترجمة: وليس بواجب، يحتمل أن يكون الدعاء. أي: لا يجب دعاء مخصوص. وإن كان التخيير مأمورًا به، ويحتمل أن يكون المنفي التخيير، ويحمل الأمر الوارد به على الندب، ويحتاج إلى دليل.

قال ابن رشيد: ليس التخيير في آحاد الشيء بدالٍّ على عدم وجوبه، فقد يكون أصل الشيء واجبًا ويقع التخيير في وصفه.

وقال ابن المنير: ثم ليتخير، وإن كان بصيغة الأمر لكنها كثيرًا ما ترد للندب. اهـ.

ثم إن قوله: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه، شامل لكل دعاء مأثور وغيره مما يتعلق بالآخرة، كقوله: اللهم أدخلني الجنة. أو الدنيا، مما يشبه كرم الناس كقوله: اللهم ارزقني زوجة جميلة ودراهم جزيلة، وبذلك أخذ الشافعية والمالكية ما لم يكن إثمًا.

وقصره الحنفية على ما يناسب المأثور فقط، مما لا يشبه كلام الناس، محتجين بقوله : "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس". ولنا قوله، : "سلوا الله حوائجكم حتى الشسع لنعالكم، والملح لقدوركم".

نعم استثنى بعض الشافعية ما يقبح من أمر الدنيا، قال في الفتح: فإن أراد الفاحش من اللفظ فمحتمل، وإلاّ فلا شك أن الدعاء بالأمور المحرمة مطلقًا لا يجوز. اهـ.

وهذا الاستثناء ذكره أبو عبد الله الأبي وعبارته: واستثنى بعض الشافعية من مصالح الدنيا ما فيه سوء أدب، كقوله: اللهم أعطني امرأة جميلة، هنها كذا، ثم يذكر أوصاف أعضائها. اهـ.

وقال ابن المنير: الدعاء بأمور الدنيا في الصلاة، خطر، وذلك أنه قد تلتبس عليه الدنيا الجائزة بالمحظورة، فيدعو بالمحظورة، فيكون عاصيًا متكلمًا في الصلاة، فتبطل صلاته، وهو لا يشعر، ألا ترى أن العامّة، يلتبس عليها الحق بالباطل، فلو حكم حاكم على عامي بحق فظنه باطلاً، فدعا على الحاكم باطلاً بطلت صلاته، وتمييز الحظوظ الجائزة من المحرمة عسر جدًّا، فالصواب أن لا يدعو بدنياه إلاّ على تثبت من الجواز. اهـ.

١٥١ - باب مَنْ لَمْ يَمْسَحْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ حَتَّى صَلَّى

قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: رأيتُ الحُمَيديَّ يحتجُّ بهذا الحديثِ أن لا يمسَحَ الجبهةَ في الصلاةِ.

(باب من لم يمسح جبهته وأنفه) من الماء والطين وهو في الصلاة (حتى صلّى).

(قال أبو عبد الله) البخاري (رأيت الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي (يحتج بهذا الحديث) الآتي: (أن لا يمسح) المصلي (الجبهة) والأنف وهو (في الصلاة).

<<  <  ج: ص:  >  >>