وأغرب الكرماني فقال هذا الحديث من مراسيل الزهري ولا يصير بما ذكره آخرًا مسندًا لأنه قال يحدّث بمثله لا بنفسه كذا قال، وليس مراد المحدّث بقوله في هذا بمثله إلا نفسه وهو كما لو ساق المتن بإسناد ثم عقبه بإسناد آخر ولم يعد المتن بل قال بمثله ولا نزاع بين أهل الحديث في الحكم بوصل مثل هذا وكذا عند أكثرهم لو قال بمعناه خلافًا لمن يمنع الرواية بالمعنى.
وقد أخرج الحديث المذكور الإسماعيلي عن ابن ناجية عن محمد بن المثنى وغيره عن عثمان بن عمر وقال في آخره قال الزهري: سمعت سالمًا يحدّث بهذا عن أبيه عن النبى ﷺ فعرف أن المراد بقوله مثله نفسه وإذا تكلم المرء في غير فإنه أتى بهذه العجائب اهـ.
وتعقبه العيني فقال: من أين هذا التصرف وكيف يصح احتجاجه في دعواه بحديث الإسماعيلي، فإن الزهري فيه صرح بالسماع عن سالم وسالم صرح بالتحديث عن أبيه، وأبوه صرح عن النبي ﷺ، فكيف يدل هذا على أن المراد بقوله بمثله نفسه، وهذا شيء عجيب لأن بين قوله يحدث بهذا عن أبيه وبين قوله يحدث مثل هذا عن أبيه فرقًا عظيمًا لأن مثل الشيء غيره فكيف يكون نفسه تيقظ فإنه موضع التأمل اهـ.
واختلف في جواز تقديم بعض المتن على بعض السند وتقديم بعض المتن على بعضه، لكن منع البلقيني مجيء الخلاف في الأول وفرق بأن تقديم بعض المتن على بعض قد يؤدي إلى خلل في المقصود في العطف وعود الضمير ونحو ذلك بخلاف تقديم المتن على بعض السند، وسبقه إلى الإشارة إلى ذلك النووي فقال في إرشاده: والصحيح أو الصواب جواز هذا وليس كتقديم بعض المتن على بعض فإنه قد يتغير به المعنى بخلاف هذا.
١٤٣ - باب الطِّيبِ بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَالْحَلْقِ قَبْلَ الإِفَاضَةِ
(باب) استعمال (الطيب بعد رمي الجمار)، يوم النحر (والحلق) لشعر الرأس (قبل) طواف (الإفاضة).
وبالسند قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن القاسم وكان أفضل أهل زمانه) وسقط قوله وكان أفضل أهل زمانه في رواية غير أبوي ذر والوقت (أنه سمع أباه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (وكان أفضل أهل زمانه) وهو أحد الفقهاء السبعة (يقول: سمعت عائشة ﵂ تقول):