العدوى، فيكون المعنى لا عدوى، إلاّ من الجذام والبرص والجرب مثلاً قاله القاضي أبو بكر الباقلاني، وقيل: الأمر بالفرار ليس من باب العدوى بل لأمر طبيعي وهو انتقال الداء من جسد إلى جسد بواسطة الملامسة والمخالطة وشم الرائحة فليس على طريق العدوى بل بتأثير الرائحة لأنها تسقم مَن واظب اشتمامها ونحو ذلك قاله ابن قتيبة، وهو قريب، وقيل المراد بالفرار رعاية خاطر المجذوم لأنه إذا رأى الصحيح البدن سليمًا من الآفة التي به عظمت مصيبته وحسرته واشتد أسفه على ما ابتلي به ونسي سائر ما أنعم الله عليه فيكون سببًا لزيادة محنة أخيه المسلم وبلائه وقيل لا عدوى أصلاً رأسًا والأمر بالفرار إنما هو حسم للمادة وسد للذريعة لئلا يحدث للمخالط شيء من ذلك فيظن أنه بسبب المخالطة فيثبت العدوى التي نفاها ﷺ فأمر ﷺ بتجنب ذلك شفقة منه ورحمة، ويأتي مزيدًا لذلك إن شاء الله تعالى بعون الله.
٢٠ - باب الْمَنُّ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ
هذا (باب) بالتنوين (المن شفاء للعين) أي من داء العين والمن بفتح الميم وتشديد النون كل طل بنزل من السماء على شجر أو حجر ويحلو وينعقد عسلاً ويجف جفاف الصمغ كالشيرخشت والترنجبين والمعروف بالمن ما وقع على شجر البلوط معتدل نافع للسعال الرطب والصدر والرئة، وأطلق المؤلّف على المن شفاء لأن الحديث ورد أن الكمأة منه وفيها شفاء فإذا ثبت الوصف للفرع كان ثبوته للأصل أولى.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد بن المثنى) أبو موسى العنزي الحافظ قال: (حدّثنا غندر) ولأبي ذر محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الملك) بن عمير أنه (قال: سمعت عمرو بن حريث) بفتح العين في الأوّل وضم الحاء المهملة وفتح الراء آخره مثلثة مصغرًا في الثاني المخزومي له صحبة (قال: سمعت سعيد بن زيد) أي ابن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرة المبشرة ﵃(قال: سمعت النبي ﷺ يقول):
(الكمأة) بفتح الكاف وسكون الميم بعدها همزة وتاء تأنيث قال في القاموس: الكمء نبات معروف وجمعه أكمؤ وكمآت أو هي اسم للجمع أو هي للواحد والكمء للجمع أو هي تكون واحدة وجمعًا وقال غيره نبات لا ورق له ولا ساق توجد في الفلوات من غير أن تزرع وهي