والمراد منه قوله: أعوذ بوجهك. قال البيهقي: تكرر ذكر الوجه في الكتاب والسُّنَّة الصحيحة وهو في بعضها صفة ذات كقوله: إلا برداء الكبرياء على وجهه، وفي بعضها من أجل كقوله: ﴿إنما نطعمكم لوجه الله﴾ [الإنسان: ٩] وفي بعضها بمعنى الرضا كقوله تعالى: ﴿يريدون وجه الله﴾ [الروم: ٣٩] ﴿إلا ابتغاء وجه ربه﴾ [الليل: ٢٠] وليس المراد الجارحة جزمًا والحديث سبق في تفسير سورة الأنعام وفي كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنّة في قوله باب قول الله تعالى: ﴿أو يلبسكم شيعًا﴾.
(باب قول الله تعالى: ﴿ولتصنع على عيني﴾ [طه: ٣٩]: تغذى) بضم الفوقية وفتح الغين والذال المشددة المعجمتين من التغذية قاله قتادة، وفي نسخة الصغاني بالدال المهملة ولا يفتح أوله على حذف إحدى التاءين فإنه تفسير تصنع. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يعني اجعله في بيت الملك ينعم ويترف غذاؤه عندهم، وقال أبو عمران الجوني قال تربى بعين الله. وقال معمر بن المثنى: ولتصنع على عيني بحيث أرى، وقيل لتربى بمرأى مني. قال الواحدي: قوله على عيني بمرأى مني صحيح، ولكن لا يكون في هذا تخصيص لموسى ﵇ فإن جميع الأشياء بمرأى منه تعالى، والصحيح لتغذى على محبتي وإرادتي. قال: وهذا قول قتادة واختيار أبي عبيدة وابن الأنباري قال في فتوح الغيب: هذا الاختصاص للتشريف كاختصاص عيسى بكلمة الله والكعبة ببيت الله فإن الكل موجود بكن وكل البيوت بيت الله على أن خلاصة الكلام وزبدته تفيد مزيد الاعتناء بشأنه وأنه من الملحوظين بسوابق إنعامه، وقوله تغذى ثبت في رواية أبي ذر عن المستملي وسقط لفظ باب لغير أبي ذر فاللاحق مرفوع استئنافًا. (وقوله جل ذكره) بالرفع والجر عطفًا على سابقه (﴿تجري بأعيننا﴾ [القمر: ١٤]) أي بمرأى منا أو بحفظنا أو بأعيننا حال من الضمير في تجري أي محفوظة بنا ومن ذلك قوله تعالى: ﴿واصنع الفلك بأعيننا﴾ [هود: ٣٧] أي نحن نراك ونحفظك ﴿وتجري بأعيننا﴾ أي بالمكان المحفوظ بالكلاءة والحفظ والرعاية يقال فلان بمرأى من الملك ومسمع إذا كان بحيث تحوطه عنايته وتكتنفه رعايته ونحو ذلك مما ورد به الشرع وامتنع حمله على معانيه الحقيقية. وعند الأشعري إنها صفات زائدة وعند الجمهور هو أحد وقولي الأشعري إنها مجازات فالمراد بالعين البصر.